أنا امرؤ لا أعرف إلا الحق سبيلاً، ولا أبالي -إذا ما قلته وأرضيت ربي- أن أُسخط الناس أجمعين.
ولقد كنت من أكثر الناس انتصاراً للشباب ودفاعاً عنهم وتأييداً لهم، ولكني وجدت الكَيْل قد طفح والحوض قد امتلأ، ولم يبقَ في الصبر على تأنّثهم بقية، فقذفت بهذه الكلمة في وجوههم. أستغفر الله أن أعني الشبان جميعاً، بل أولئك وحدهم، ولأولئك وحدهم أقول: إذا لم تعجبكم مقالتي فاذهبوا فانطحوا برؤوسكم صخر «قاسيون»، وابتلعوا بأفواهكم ماء «بَرَدى»، فإنكم لا تكسبون -إن فعلتم- إلا قطع رؤوسكم المحطمة، وما يحفل بكم إلا أخرق من أمثالكم.
إنني سأقول كلمتي بصراحة وإيجاز، لا أزخرف الجُمَل ولا أنمّق العبارات، فما هو بمَوطن خيال ولا هو بميدان بلاغة، بل هو موقف المُنذر بالشر المستطير والبلاء العميم. وأيّ بلاء
(١) نشرت هذه المقالة في العدد الأول من كتاب «البعث» الذي صدر في غرة المحرم سنة ١٣٥٠ (١٩/ ٥/١٩٣١).