يعدل خُسران الأمة مستقبلَها وضياع استقلالها؟ وأَولى به يضيع إذا رجالُه هؤلاء!
ويلَكم، أَساءَكم أن الله خلقكم رجالاً، فأنتم تَسْعَوْن أبداً لتعودوا بنات، وأنتم أبداً تَحُفّون وجوهكم وتُرَجِّلون شعوركم وتطيّبون ريحكم، وتليّنون كلامكم وتُكثرون ابتسامكم، وتَميلون وتُميلون وتَغمزون وتغنجون، وإذا سقطتم تفخرون ولا تستحيون ... و ... ممّا لست أذكره:
فظُنَّ شرّاً ولا تسألْ عن الخَبَرِ!
* * *
«فلان»(وما أكثر أشباه فلان) طالب أعرفه، من أسرة محترمة ذات شرف ووجاهة، دخل «التجهيز» وكأنه في حسن أخلاقه وطيب عنصره وجمال صورته الملاك الطاهر. ولكن الجمال شرٌّ على الطالب، ولا سيّما إذا كان -كصاحبنا- ليّنَ الكلام سهلَ القِياد طيّبَ القلب، لأن جماله يُطمع فيه ذوي الأغراض، ولينه يُبلّغهم منه ما يريدون.
عاش صاحبنا حيناً ما ننكر من أمره شيئاً، ثم فسد بين عشية وضحاها، وذلك أنه راح يعاشر ويخالل، فيجره أخلاّؤه من مكان إلى مكان حتى يبلغوا به السينما، وهي مصدر الداء وأصل كل بلاء، فلا يخرج منها إلا ملوَّث السمعة مذموم الأخلاق، وقد كان ممدوح السيرة. وأعلمُ أنا بذلك، فأجهد نفسي في نصحه وإصلاحه، وأبذل وُسْعي لأقنعه بترك من يصاحب، فلا أصنع في ذلك شيئاً رغم ما أوتيتُه من بَسْطة اللسان وقوة العارضة،