للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورغم ما هو عليه من سرعة الانقياد، لأن القوم قد ملكوا عليه لُبَّه فلا يكاد يستقل دونهم بتفكير. فأذهب إلى أبيه فأحذّره وأنذره، فيهتمّ بالأمر أياماً ثم ينسى، فأيأس فأدع الولد والوالد وأوليهما ظهري.

على أن هذا من صالحي الآباء، وهناك من يضحك إذا قلت له: إن ابنك قد سقط، ويقول: "ما عليه شي، شو هوّه ولد"! كأن النخوةَ قد ذهبت من رؤوس الناس والشرفَ قد امَّحى من الوجود، وأصبحنا إباحيين لا يهمّنا عِرض ولا يردعنا دين!

* * *

وعلامَ يتجمّل الشبان إذا كانوا رجالاً، وهم يعلمون أن الجمال مفخرة النساء يتقربن به من الرجال؟ وأين آباؤهم وأمهاتهم؟ أهم نائمون غافلون، أم هم يعلمون كل شيء ويسكتون؟ وإن غفلوا عن أبنائهم وناموا عن اللص يسرق أعراضهم، فعلامَ يسهرون ولماذا ينتبهون؟ وكيف يقتل الأب ابنتَه إذا صارت بَغِيّاً، ولا يبالي بابنه يصبح قريباً من ذلك؟

أفلم يَانِ لنا أن نفهم أن هذه عاقبة التجدّد الزائف والرقيّ المزعوم؟ ألم يأنِ لنا أن نفهم أنه لا صلاح لهذا الفساد إلا بالدين، فنعود إليه ونقف عند أمره ونهيه؟

لو رُبِّيَ هؤلاء تربية دينية -يعلمون معها أن التشبه بالنساء حرام- لما نشأ ما كان ممّا نشكو منه اليوم فلا نجد مُشْكياً (١) ولا


(١) يقال: أشكاه على ما يشكوه، أي أعانه وأزال سبب شكواه (مجاهد).

<<  <   >  >>