[قال ابن هُبَيرة: ما رأيت أكرم من الفَرَزدق، هجاني أميراً، ومدحني معزولاً!]
وبعد، فقد كان على أصدقاء الأستاذ (أو أولئك الذين يتظاهرون بهذه الصداقة، والذين طالما فخروا بها وطالما أفادوا منها) أن يكتبوا عنه ويصفوا للناس أدبه، لا علينا نحن الذين لم يكن بيننا وبين الأستاذ إلا الصلة الرسمية؛ من حيث كان رئيساً لديوان المعارف وكنّا من معلمي المدارس القروية الابتدائية، وصلة الأدب؛ من حيث هو قائد من قُوّاده الأكابر ونحن من جنوده الأصاغر.
(١) نُشرت هذه المقالة في جريدة «ألف باء» يوم الأحد ٨ نيسان ١٩٣٤ (٢٣ ذي الحجة ١٣٥٢)، وعلى أصلها المحفوظ تعليق بخط جدي رحمه الله قال فيه: "كنت آتياً من زاكية على الدراجة، فلمحت الأستاذ يسير وحده في شارع بغداد في حر الظهيرة، فعكفت على التفكير في أمره، ثم ذهبت فكتبت هذه الكلمة التي أغضبتُ بها عليّ رجال المعارف". وزاكية هي القرية التي درّس علي الطنطاوي في مدرستها في تلك السنة، وأخباره فيها في أول الجزء الثالث من «الذكريات» (مجاهد).