إن التاريخ -ولا سيما التاريخ المحزن- سبب أكيد من أسباب تكوين الأمة، ونحن لنا رؤية واحدة ونظرة عامة تتجلى بأجلى مظاهرها عندما تتجه نحو الماضي وتتغلغل في أعماق التاريخ، حتى إنه ليصحّ قولنا: إنّ نظرنا إلى الماضي واحدٌ مهما اختلفت بيئاتنا وثقافاتنا. كيف لا؟ ومَن منا لا يفخر بوقعة القادسية وفتح الشام؟ ومن لا يحزن لمعركة بلاط الشهداء وسقوط الأندلس؟
إن الآلام تجمع، والذكريات المحزنة وسيلة عظمى من وسائل الاتحاد.
ولكن اتجاهنا إلى الماضي قد شغَلَنا عن كل ما عداه حتى ما نكاد نلتفت إلى المستقبل، وحتى صَحَّتْ فينا كلمة صاحب كتاب «حضارات تونس» الفرنسي: العرب ينظرون دوماً إلى الوراء