للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلمة بمناسبة كثرة الزعماء

[صفات الزعيم الحقيقي]

نشرت سنة ١٩٣٢ (١)

قال لي مرة صديق فَكِه خفيف الروح: إذا نحن احتجنا إلى أوربا في شيء واضطررنا إلى استيراده منها فإن لدينا بحمد الله شيئاً واحداً يزيد على حاجتنا ونستطيع أن نصدّره إلى بلاد الله جمعاء.

قلت: وما ذاك يا صديقي؟

قال: الزعماء!

فضحكت، ولكني رأيت وراء مقالته هذه الفَكِهة حقيقةً تُضحك، وشرُّ البلاء ما يُضحك! وذلك أن الزعامة عندنا انحطت عن معناها الأصلي وأصبحت مباحة للناس أجمعين، فليس بين المرء وبين أن يكون زعيماً إلا شهر في منفى (وهذا خير طريق للزعامة)، أو أسبوع في سجن، أو صياح في محفل، أو هتاف في مظاهرة ... حتى بلغ الأمر من الفساد حداً نسي معه الناس أن الزعامة تكون بغير هذا أو يلزم لها غير هذا! في حين أن للزعيم


(١) في «ألف باء» بتاريخ ٢٩/ ٦/١٩٣٢ (٢٥ صفر ١٣٥١).

<<  <   >  >>