وللوزارة بعض الحق حين تقول إن هذا شاب قوي متعلم والقرية أحوج ما تكون إليه، ولكن هذه النظرية قاسية خاطئة، فلتنظر الوزارة فيها ولتعدلها، فليس من العدل ولا من الرحمة ولا من مصلحة البلاد أن تموت هذه النفوس الفيّاضة بالحياة وتنطفئ فيها جذوة الأمل، وليس من الحكمة أن يكلَّف الشاب مثل هذا العمل الشاق، وأَوْلى به أن يعمل في سنيه الأولى في المركز تحت إشراف رجال الوزارة وذوي الخبرة والسبق من المعلمين المدربين.
هذه واحدة، ثم إن هناك قضية نخاطب فيها مستشار المعارف خاصة، وهي أن من المعلمين من له عشر سنين في القرى لم يَرَ المدينة، ومنهم من له مثل هذا المقدار في المدن، ومَرَدّ ذلك كله إلى المصادفات والأقدار، وليس من العدل في شيء. فليوضع تشريع يجعل معلمي المعارف في تبدل مستمر حتى لا يفوت امرءاً نصيبُه من اليسر ولا من العسر، ولا ينبغي أن يبقى المعلم في القرية ولا في المدينة الواحدة أكثر من عامين متواليين.
ولا يظن الناس أنني أقول هذا من أجل أنني في قرية، لا، بل من أجل المصلحة العامة، فلتنظر الوزارة في قضية «معلم القرية» بالرحمة والعدل والمصلحة، ولتنصف هؤلاء المساكين.