دع السياسة، وتعال معي نبتعد عن واديها المظلم الصاخب. تعال معي نجلس على حافة هذه الصخرة المنيفة نتمتع بنور الشمس، شمس الحقيقة التي حالت سحب التدجيل بينها وبين سكان الوادي، ولنُصغِ إلى قيثارة الحياة التي ابتلعت أنغامَها العذبة تلك الضوضاءُ المريبة فلم نسمع منها شيئاً.
* * *
هنا، في حِجر الطبيعة، تشعر بلذة الحياة وتدرك جمال الوجود، وتستريح من نفاق المنافقين وكذب الدجّالين وبَلادة الزعماء الزائغين. من هنا تطل على الوادي البغيض، فترى القوم في هرج ومرج وتدافع وانجذاب، ثم في قتال تسيل منه الدماء، دماء الأبرياء، وتزهق منه الأرواح، أرواح الشهداء.
وترى أشخاصاً قد ركبوا طبولاً كبيرة، فهي تتدحرج بهم فيكون لها دوي مزعج، فيتبعهم الناس يحسبونهم جبابرة، قولهم مثل أصواتهم وإخلاصهم مثل دعواهم! يتبعهم الناس، حتى إذا
(١) في «ألف باء» بتاريخ ٦/ ٤/١٩٣٢ (٣٠ ذي القعدة ١٣٥٠).