نعم، إن الطلاب في دمشق -كالطلاب في فرنسا والطلاب في الصين وغيرها- ذوو حماسة مُتَّقِدة وإيمان وطني يقودهم على الرغم منهم إلى مساعدة الأمة في ساعات الحرج والضيق، ولا أحد يطلب منهم أن يمروا بالحوادث الجسام التي تتوقف عليها حياة المستقبل دون أن يلتفتوا إليها، فلا نقول لهم حينئذ: هذا لا يعنيكم، اشتغلوا بجيب زاوية «ب» وعلاقة النيتروجين بالأستلين! ولكن ألا يرى إخواني الطلاب وأعضاء لجنتهم أنه لم يعد لاستمرار الإضراب في المدارس وتعطيل الدروس معنى؟ وأنه ليس من مصلحة الوطن ولا من مصلحة القضية أن تسود الفوضى بعض المدارس، وأن يشتم بعض الطلاب مديريهم ومعلميهم؟
فلماذا لا تقوم لجنة الطلبة إذن بمنع ذلك كله واستئصاله؟ إن هذه الحالة لا يصحّ أن يُسكَت عليها وأن يُرضى بها، ولا يحق أن يُهمَل البحث في تلافي هذا الأمر من الطريق المعقولة السديدة.
وأعود فأجهر برأيي في أن اشتغالَ الطالب بغير الواجب عليه وإهمالَه لعلمه ودروسه وازدراءَه لمعلميه عملٌ يضر هذه الأمة بقدر ما يزعمون أنه ينفعها. فيا أيها الإخوان، إن الأمور لا تقاس بضخامتها وضجيجها وإنما بنتائجها وعواقبها، فاعلموا أنكم إنما كنتم أبناء الأمة البررة وأشجع جنودها بعلمكم واطّلاعكم، فلا تخسروهما فتخسروا كل شيء.
هذه كلمة إخلاص لا أبالي أسُمِعَت أم سُدَّت دونها الآذان ولُويت منها الشفاه، وما عليّ إلا البلاغ.