محاضراته وبثّ روح الوطنية الصحيحة في ثنايا العلم الصحيح، وعند التاجر في إيثاره مصنوعات الوطن على مصنوعات الخارج، وعند الموظف في مراقبة وِجدانه واتّباعه سبيلَ الشرف والواجب ... أي أن الوطني المخلص هو الذي يقوم بواجبه جهاراً. وواجبي أنا، طالب الحقوق، لا ينافي اشتغالي بالقضية العامة بحيث لا يثنيني ذلك عن درس، ولكن واجب الطالب التجهيزي، ولا سيما طالب الصف السادس الذي لم تكتمل مداركه بعد، يمنعه من أن يكون رئيس مؤتمر أو قائد مظاهرة! فضلاً عن أن يكون شاتماً لأستاذه عاملاً على هدم مدرسته وبث روح التمرد فيها!
فهل في الناس مَن يُثبت لنا أن هذا باطل، وأن الحق فيما يقوم به هؤلاء؟
إذن فما لهذه الجرائد -وهمّها نجاح القضية وتقدم الوطن- لا تدعو إلى حفظ الحياة العلمية ولا تكفّ عن تشجيع الفوضى؟ وما للآباء -إذا كان يعنيهم أخلاق أبنائهم وحفظ مستقبلهم- لا يردعونهم عن الاسترسال في هذا التمرد، أو على الأصح: في هذه المهازل التي يُدفَعون إلى تمثيلها لتنقلب عليهم مآسي ويستغلها مَن دفعهم إليها؟
* * *
أمَا إن هذه حال إن دامت قضت على الروح العلمية في البلاد وأخّرتها في سَيْرها إلى الغاية المنشودة مراحلَ كثيرة. وهَبْنا قد ربحنا بعد ذلك برلماناً وطنياً، فماذا نصنع به؟ أمَا والله لَهذه «التجهيز» أجدى على الأمة من برلمان تحميه حِراب المحتل