مفلساً منبوذاً، وإذا كان موظفاً، معلماً مثلاً، حُرم الترقّي والنقل إلى المدن ولم ينفعه شفيع.
ومثل هذه الحال حالُ الشريف في كل منزلة من منازل الحياة عندنا، بل لقد انتشرت في الناس فكرةٌ هَدّامة للأخلاق ما أدري من أين مصدرها؛ هي قولهم: ما دخل الأخلاق بالسلوك؟ كلٌّ على حدة. وماذا يضر المعلمَ سوءُ خلقه إذا كان حسن التعليم، والوطنيَّ إذا كان صادق الوطنية، والتاجرَ إذا كان حسن المعاملة؟ ولا يدرون أن الشرف أول شرط للرجل الصالح في الحياة، فإذا فقده فَقَدَ كل شيء. وأنت لا تستطيع أن تبعث بنتك لتتعلم العلم وتخسر عفافها وعرضها، ولا تقول يومئذ: لا دخل للأخلاق بالسلوك!
* * *
فيا أيها الناس، انتبهوا لأمر الشرف، وانبذوا النمّامين والكذّابين والمرائين والخائنين واللصوص، لصوص الأموال ولصوص الأعراض، أو فانتظروا الفناء، فإن البناء لا يقوم على غير أساس، وأساس بناء الأمة الأخلاق:
وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بَقِيَتْ ... فإن هُمو ذهبت أخلاقُهم ذهبوا