وطريقة تعليمه وأسلوب تربيته، فلو أن أباه سلّمه إلى مُرَبٍّ مسلم ونشّأه نشأة إسلامية وبعث به إلى مدارس إسلامية لما رأى منه ما رأى، ولكان يَوَدّ أن تُقطع يمينه قبل أن يسدّد بها المسدسَ إلى صدر أبيه، لأن من واجبات المسلم أن يعرف لصاحب الفضل فضله ويجزيه بالخير خيراً، وأن يمعن في بِرّ أبويه والإحسان إليهما، ولأن على المسلم أن ينفض يديه من الدنيا كلها ويُعرض عنها إذا حالت بينه وبين برّ والديه، ولأن المال لا قيمة له في نظر المسلم بجنب حق أبويه عليه وإحسانهما إليه.
هذه أخلاق المسلم وهذه سيرته، ولكن الأمير -سامحه الله- لم يختَرْ لولده مَن ينشّئه عليها ويأخذه بها، وآثر أن يبعث به إلى من يفتنه عن دينه ويغلبه على عاطفته، ففعلوا، وأعادوه إليه عدواً بيده المسدس! ينتزع الولد بيده حياة أبيه ولا يتردد ولا يضطرب، لأن مَن علّمه وربّاه نزع من نفسه عاطفة الابن، وخشية المؤمن، ورأفة الإنسان! (١)
* * *
فيا قومنا، اعتبروا واختاروا لأولادكم خير المربّين وأفضل المعلمين، واعلموا أن الله سائلكم عنهم وأنه مجازيكم بأعمالهم، فإن أحسنتم الاختيار وحفظتم وصيّة الدين كان جزاؤكم هَناءة في الدنيا وسعادة عند الله، وإن آثرتم الدنيا وسلّمتم أولادكم إلى من يفسد عليهم عقائدهم وأخلاقهم كان جزاؤكم شقاء في الدنيا وعذاباً في الآخرة!
(١) درّس الأمير سعيد ابنَه في مدارس النصارى والمبشرين.