للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عادت إليّ متمرّدة عَصِيَّة، ساخطة على الإنسان، وطامحة إلى الخروج من هذا السجن الذي وُضعت فيه. عادت إليّ تسألني غَضْبَى: من أتى بي إلى هنا؟ من أسكنني في جوارك أيها الإنسان الشرير؟ لولاك ما سُجنت، أنت سبب شقائي! ويحك! لماذا تعيش في هذا العالم الفاسد؟ إنني لا أحبه ولا أطيق أهله. دعني أرحل!

تسألني فأصمت، وتلحّ في السؤال فأزيد في الصمت، فتحنق وتمسك بخناقي فتَسْوَدّ الدنيا في عيني وأكاد أفارقها. ثم أرى الفرج في أشد ساعات الخطر؛ لقد فُتحت أمامها كوّة إلى عالم الخلود، فأفرَجَت عني وتمتعت بالهناء. وما ذلك إلا لأنها سمعت صوت المؤذّن يرنّ في سكون الليل: «الله أكبر، الله أكبر»، فأصغت إليه، ثم حملتُها فوقفت بها في الصلاة فاتصلت بعالم التأمل.

وبقيت سعيدة خاشعة حتى سمعت قولة: «السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله» فعادت لإشقائي، فأنا لا أسعد إلا في الصلاة!

* * *

<<  <   >  >>