مَن من المسلمين يرى الكعبة ويشهد الصفا والمروة وينظر إلى أبي قُبَيْس، فلا يذكر محمداً وأصحابه ولا يذكر سُراة قريش ووجهاءها، وتتجسم هذه الذكرى في نفسه حتى لكأنه يراهم جالسين حِلَقاً حول الكعبة يتحدثون، أو قائمين في مقام إبراهيم يصلّون، أو خارجين من الحرم يتناشدون الأشعار ويتفاخرون؟
* * *
إذا كان لنا في مَطاوي الغد يومُ سعادة أو عهدُ رخاء فإنما مبعثه «عرفة».
عرفة التي بدأ منها تاريخنا ووُلد فيها عزنا، وانتصرت فيها الإنسانية وانفجرت منها ينابيع الحضارة التي نشرها في العالم أهلها المسلمون، ستعود فيكون لها في الغد ما كان لها في الأمس، وستعود فنبني عليها صرح مستقبلنا العظيم الزاهر بإذن الله. في عرفة وموقفها الجليل سر نجاحنا وخَبيئة مستقبلنا، فلنكشف عنها بحكمة، ولنستفد من هذا الموقف بإخلاص واجتهاد.
إن الله يدعوكم إلى العمل في الحياة، ويدعوكم إلى الاتحاد والإخاء، فأجيبوا بأفعالكم كما تجيبون بألسنتكم: لبَّيكَ اللهم لبَّيكَ.