فقطع عليّ كلامي غاضباً بقوله: أنت إذن متحرر في اللغة تريد أن تتصرف فيها كما تريد وتضرب بدواوينها وعلمائها عرض الحائط؟
قلت: لا يا صديقي، أنا لا أريد أن نقطع صلتنا بها ولا أن نستبدل بها لهجاتنا العامية، بل أريد أن توضَع لتوسيعها وتنميتها قواعد تسير في ذلك عليها. وليس من المعقول أن تخرج هذه اللغة على قانون التجدّد والتغيّر الذي تخضع له الكائنات بأسرها وتبقى واقفةً عند حد واحد لا تغيره. وماذا يكون إذا استُعمل «الحادر» في الرَّوض بدل الغلام؟ نعم، لا أنكر أن عملاً كهذا العمل لا يقوم به إلا مَجْمَع لغوي، ولكن ما حيلتنا في هذا المجمع الذي يُحسَب علينا وليس لنا منه جدوى ولا فائدة؟ وما هو إلا كالطبل العظيم يملأ صوتُه الفضاءَ وهو فارغ!
ولكن صديقي أبى عليّ الموافقة، فاتفقنا على استفتاء اللغويين. وهذه هي صيغة الاستفتاء:
ما قولكم -دام فضلكم- في الخروج على السماع، واتّباع قواعد معينة في استعمال كلمة وُضعت لمعنى خاص في معنى عام، إذا خالف ذلك دواوين اللغة وكان فيه تنميتها وتوسيعها؟ مع العلم بأن الجمود على شيء واحد ممقوتٌ مخالف للطبيعة، وأنه لا بد من التجدد والتطور. أفتونا مأجورين.