للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- لا أدري إذا كان يأتي دوره بعد أبطال الغرب أم لا؟ على أن الأستاذ أخبرنا أن الشرق لا ينجب عظماء.

- إذن أنت لا تحب الشرق، ولا تحب وطنك سوريا؟

- أحبها؟ لا؛ لا أحبها لأنها لا تزال في الظلمات، لم تدخل في أنوار الغرب!

* * *

التفتُّ عندئذ إلى والد الغلام، وستطير دهشاً إذا أخبرتك أن والده من أسرة عريقة في العلم والزعامة الدينية في الإسلام! التفتُّ إليه وقد هالني ما سمعت من الغلام، وتصورت أبناء هذه البلاد الذين نبتوا في أرضها وعاشوا فيها، ينقلبون عليها وتعمل فيهم هذه السموم الخبيثة التي يبثّها هؤلاء المبشرون، لا بالديانة النصرانية فحسب، بل بديانة الخيانة للوطن واحتقار تاريخه وازدراء لغته.

تصورت هذا فأحسست كأنما قلبي كاد -لكثرة ما يخفق- يخرج من صدري، فرحت أسأل نفسي: من المجرم؟ من الخائن؟ وراحت تجيبني بأنه هذا الذي يجلس أمامك، بأنه والد الغلام! فقلت له وأنا لا أتمالك نفسي من الحدة: لماذا لا ترسل ولدك إلى مدرسة وطنية؟ ولماذا آثرت مدرسة «الفرير» الأجنبية؟ ألم تأتِك أخبار ما فعل الطلاب فيها في العام المنصرم؟ ألم يبلغك نبأ تلك الدعوة القدسية إلى مقاطعة هذه المدارس وتلبية أبناء الوطن الأبرار لها، مسلمين ومسيحيين على السواء؟ أترضى بأن تكون ... آه، ماذا أقول؟

<<  <   >  >>