على أنها إن كان لها أصل فلن تكون في أيام السلطان عبد الحميد الثاني الذي نعرفه، بل في أيام السلطان عبد الحميد الأول الذي حكم الإمبراطورية العثمانية بين عامَي ١٨٣٩ و١٨٦١، فالثورة الكبرى التي عرفتها الهند اشتعلت سنة ١٨٥٧، وهي الثورة العظيمة التي كادت تنتهي إلى النجاح لولا تفرق كلمة المسلمين في الهند ونجاح مساعي الإنكليز في ضرب بعضهم ببعض، وانتهت بأسر السلطان المسلم بهادُرْ شاه، آخر الملوك المغول في الهند، ونفيه وقتل أبنائه وتشريد أسرته، فلم تقم لهذه الأسرة قائمة من بعد. وتجدون ملخّصاً لقصة هذه الثورة في الحلقة ١٤٥ من ذكريات علي الطنطاوي (٥/ ٢٦٦ وما بعدها). وكانت أيامُ السلطان عبد الحميد الأول أيامَ ضعف وهوان، ففيها فقدت الدولة شبهَ جزيرة القرم، وفيها كانت الحادثة المشؤومة في جدة، وهي التي قرأتم خبرها في مقالة «حادثة من التاريخ» في كتاب «فصول في الثقافة والأدب» الذي صدر منذ وقت قريب. وفي أيام السلطان عبد الحميد الأول أيضاً وقعت الفتنة الطائفية في جبل لبنان، فتدخلت الدول الأوربية وفرضت على الدولة العثمانية منح الجبل الحكمَ الذاتي، يحكمه حاكم من النصارى، فكان صنيعهم =