المعارف الذي انتظرناه عاماً كاملاً لنرى على يده التعديل المنتظَر لهذا البرنامج، وبنينا على انعقاده الآمال الجسام، لم يصنع شيئاً ولم يغيّر في البرنامج حرفاً! وأعجب من هذا أنْ قد صَدَق ظنُّنا السوءَ بأعضائه وبأنهم -إلا أفراداً قلائل منهم- لا يجرؤون حتى على إبداء آرائهم في الأمور التي اجتمعوا لإبداء آرائهم فيها! ولم نكسب من هذا المجلس إلا أننا كنا نأمل لهذه البرامج إصلاحاً فمات أملنا، وكنا نرفّه عن أنفسنا بأنها من وضع غيرنا، فصادَقْنا نحن عليها، وانفضّ المجلس وقد كسب لقومه شراً عظيماً.
* * *
البرنامج لا يزال كما كان: يُهمل التاريخ العربي الإهمالَ كله، فيبدأ الطالبُ الصغير في الصف الثاني الابتدائي بدراسة تاريخ سوريا القديم، تاريخ الفنيقيين وأشباههم، قبل أن يدرس تاريخ الأمويين والخلفاء الراشدين. وأنت تعلم أنهم يريدون من هذا غرس بذور الفنيقية في نفوس الناشئين، حتى ينادوا بها وحتى يَدْعوا إلى قومية سوريّة تكون وبالاً على الجامعة العربية والإسلامية المنشودة وبلاء على سوريا وأخواتها.
وليس هذا كل ما نشتكي منه في برنامج التاريخ، بل نشكو من جهل الطالب الذي يحمل الشهادة الابتدائية الجهلَ المطلق
= الشعراء شيطاناً يقول على لسانه الشعر"، وفي ثمار القلوب للثعالبي: "كانت الشعراء تزعم أن الشياطين تلقي على أفواهها الشعر وتلقنها إياه، وتدّعي أن لكل منهم شيطاناً، وبلغ من تصديقهم بهذا أن جعلوا لهم أسماء". وهذا كله تخريف لا أصل له لا في عقل ولا نقل! (مجاهد).