للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يقرأ، وتدرّسون أنتم النحوَ على طريقة ما أدري والله ما هي، وما أظنها تصلح لتدريس لغة الزنوج! تحفّظون التلاميذ التعاريفَ بالحرف وتقسرونهم على استظهارها قسراً، دون أن تعلّموهم كيف يطبّقونها على القراءة والإنشاء، فيرون اللغة ونحوها شبحاً مخيفاً، فينفرون عنها ولا يستمرئونها ما عاشوا.

وليس هذا موضوع كلمتي هذه، بل هو موضوع كلمة أخرى سأقولها في حينها، وأقصر الآن الكلام على الفحص: بدا لنا في أول الفحص نجمٌ من الأمل وهّاجٌ حين قال المستشار للجنة اللغة العربية ما معناه: "إن هذا الطنطاوي يكتب في «فتى العرب» يشكو من تساهلكم في فحص العربية، فيجب عليكم أن تكذّبوه وتعنوا بها وتستعملوا ما أمكن من الحزم فيها" ... وكان في اللجنة أعضاء صالحون حكّموا وجدانهم في هذا الأمر وعدلوا في تقدير العلامات ولم يتهاونوا في ذلك شعيرة، فماذا كانت النتيجة؟

كانت النتيجة أن سقط في العربية عدد هائل من الطلاب!

* * *

هل رضي من بيدهم الأمر بهذا، وهو دليل على ضعف العربية وفساد برنامجها وعلى التهاون فيها؟ لا، إنهم لم يرضوا به، فماذا صنعوا؟ اسمع: إنهم نقلوا الأعضاء الصالحين ذوي الغيرة على العربية إلى لجان الدروس الأخرى، وأتوا بسواهم فراحوا يمنحون العلامات جزافاً! ولا أريد أن أقول إنهم كانوا هم أنفسهم جاهلين، فحسب القارئ أن يعلم أن موضوع الإنشاء الذي أُملي على التلاميذ -ولا يتجاوز السطرين- كان فيه خمس

<<  <   >  >>