للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإسلام إذا كانوا مؤمنين موحِّدين؟ من يدري جواب هذا؟ هذا ما لا يعلمه إلا الراسخون في التجديد، والغائصون في حمأته إلى أعناقهم ومناخرهم!

* * *

وما لهم يخنسون وقد قلنا لهم: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين في تجديدكم، فكان جوابهم: إن أنت إلا رجعي وأنت جامد! كأن هذه الرجعية وهذا الجمود سلاح يلقونه في وجه من يطبع بالحق على قلوبهم ويَظهر عليهم ويخزيهم، وما أهون ذلك علينا ما داموا لا يجدون ذلك الرجل الذي وهبه الله البيان ووقاه من عيّ اللسان ليدافع عنهم ويثبت للناس صحة تجديدهم وسلامة عقولهم.

إن هذه الفئة قد فُتنت بأوربا وجُنَّت بها جنوناً، ولم تعد تعرف للخير والشر مقياساً إلا أنّ الأول غربي والثاني شرقي! وأعرف واحداً من هؤلاء، بل من أساطينهم، رويت له حادثة وأنبأته أن قد ذكرها ابن جرير في تاريخه وابن هشام في سيرته، فكذّبها وسخر منها، فلما كان بعد أيام رأيته فأقبل عليّ يقول: لقد كذّبتُ منذ أيام تلك الحادثة، ولكني وجدت أنها صحيحة. قلت: وكيف كان ذلك؟ قال: علمت صحتها لأني رأيت مسيو فلان ينقلها في كتابه «تاريخ محمد»!

بل أعرف كثيرين منهم يقدّرون الرجل ويقيسون عقله بمقدار ما يدور على لسانه من ذكر أوربا وثقافتها وآدابها ومذاهبها، ورجالها وعظمائها وجيوشها وأساطيلها! وعندهم أن مَن يحمل

<<  <   >  >>