للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رَوَى شَرِيكٌ عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا) قَالَ نَزَلَتْ فِي بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا سَمِعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجهر بها هزؤوا مِنْهُ وَكَانَ مُسَيْلِمَةُ يُسَمَّى الرَّحْمَنُ قَالُوا يَذْكُرُ إِلَهَ الْيَمَامَةِ فَنَزَلَتْ (وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تخافت بها الإسراء ١١٠

وقال بن سِيرِينَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يُخَافِتُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْهَرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ

وَقَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ (وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) الْإِسْرَاءِ ١١٠ قَالَ تَكُونُ سَرِيرَتُكَ مُوَافِقَةً لِعَلَانِيَتِكَ

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ أَمْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الدُّعَاءُ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ وَأَهْلُ الْحِجَازِ يُجِيزُونَ الدُّعَاءَ فِيهَا بِكُلِّ مَا لَيْسَ بِمَأْثَمٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا

وَلِلْكَلَامِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ فِي ذَلِكَ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا

٤٧٨ - وَأَمَّا حَدِيثُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم كان يَدْعُو فَيَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ وَإِذَا أَدَرْتَ (أَرَدْتَ) فِي النَّاسِ فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ

فَلَيْسَ فِي فِعْلِ الْخَيْرَاتِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا الْأَعْمَالُ الَّتِي يَرْضَاهَا اللَّهُ وَيَحْمَدُ فَاعِلَهَا عَلَيْهَا وَيُعْظِمُ أَجْرَهُ وَكَذَلِكَ المجازات أَيْضًا عَلَى تَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ إِذَا قُصِدَ بِتَرْكِهَا رِضَا اللَّهِ عَنْهُ

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ يوم القيامة

والمسكين ها هنا الْمُتَوَاضِعُ كُلُّهُ الَّذِي لَا جَبَرُوتَ فِيهِ وَلَا كِبْرَ الْهَيِّنُ اللَّيِّنُ السَّهْلُ الْقَرِيبُ وَلَيْسَ بِالسَّائِلِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَرِهَ السُّؤَالَ وَنَهَى عَنْهُ وَحَرَّمَهُ عَلَى مَنْ يَجِدُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ

وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي الْمِسْكِينِ ها هنا الْمُتَوَاضِعُ الَّذِي لَا جَبَرُوتَ فِيهِ وَلَا نَحْوَهُ وَلَا كِبْرَ وَلَا بَطَرَ وَلَا تَجَبُّرَ وَلَا أشر

<<  <  ج: ص:  >  >>