وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ سَوْدَاءَ أَبَتْ أَنْ تَزُولَ لَهُ عَنِ الطَّرِيقِ دَعُوهَا فَإِنَّهَا جَبَّارَةٌ
وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ حَيْثُ قَالَ
(إِذَا أَرَدْتَ شَرِيفَ النَّاسِ كُلِّهِمُ ... فَانْظُرْ إِلَى مَلِكٍ فِي زِيِّ مِسْكِينِ)
(ذَاكَ الَّذِي عَظُمَتْ فِي اللَّهِ رَغْبَتُهُ ... وَذَاكَ يَصْلُحُ لِلدُّنْيَا وَلِلدِّينِ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ الْجَبَّارُونَ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القيامة في صور الذر يطأهم النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ
وَقَدْ تَقَدَّمَ سَائِرُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ
٤٧٩ - وَأَمَّا حَدِيثُهُ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى هُدًى إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنِ اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى ضَلَالَةٍ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ أوزارهم لا ينقض ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا
فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِمَعْنَاهُ مُتَّصِلًا مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّمْهِيدِ
وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِيمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ سُنَّةٍ صَالِحَةٍ وَيُؤْزَرُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَعَطَاءٌ وَغَيْرُهُمَا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) الِانْفِطَارِ ٥ قَالُوا مَا قَدَّمَتْ مِنْ خَيْرٍ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهَا وَمَا أَخَّرَتْ مِنْ شَرٍّ يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَهَا
وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْضَلِ مَا رُوِيَ فِي تَعْلِيمِ الْخَيْرِ وَنَشْرُ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضِلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَتَعْلِيمُ الشَّرِّ فِي الْوِزْرِ مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَدْ تَأَوَّلَ قَتَادَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ) الْعَنْكَبُوتِ ١٣
وَتَأَوَّلَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِي مِثْلِ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ) الْبَقَرَةِ ١٦٦ قَالَ تَبَرَّأَ رُؤَسَاؤُهُمْ وَقَادَتُهُمْ وَسَادَتُهُمْ من الذي اتبعوهم