وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ مَا يُقَالُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَهُوَ قَوْلٌ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ فِي مَالٍ أَوْ حَمِيمٍ أَنْ يَحِيدَ عَنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْزَعَ إِلَيْهِ تَأَسِّيًا بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ أَيْ آجَرَهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَعْقَبَهُ مِنْهَا الْخَيْرَ كَمَا قَالَ (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا) الْقَصَصِ ٨٤ أَيْ مِنْهَا خَيْرٌ
قَالَ بن جُرَيْجٍ مَا يَمْنَعُ الرَّجُلَ أَلَّا يَسْتَوْجِبَ عَلَى اللَّهِ ثَلَاثَ خِصَالٍ كُلُّ خَصْلَةٍ مِنْهُنَّ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا صَلَوَاتٌ مِنَ اللَّهِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَا أُعْطِيَتْ أُمَّةٌ مَا أُعْطِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَوْلُهُ تَعَالَى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) الْبَقَرَةِ ١٥٦ ١٥٧ وَلَوْ أُعْطِيهَا أَحَدٌ أعطيها يعقوب لقوله (يا أسفي عَلَى يُوسُفَ) يُوسُفَ ٨٤
ذَكَرَ سُنَيْدٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ نعي إلى بن عَبَّاسٍ أَخُوهُ قُثَمٌ وَهُوَ فِي سَفَرٍ فَاسْتَرْجَعَ وَتَنَحَّى عَنِ الطَّرِيقِ فَأَنَاخَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْجُلُوسَ ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) الْبَقَرَةِ ١٥٣
قَالَ وَأَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ عن زيد بن علي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَنُعِيَ بَعْضُ وَلَدِهِ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا اللَّهُ بِهِ ثُمَّ تَلَا (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) الْبَقَرَةِ ١٨٣
٥١٦ - وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ هَلَكَتِ امْرَأَةٌ لِي فَأَتَانِي مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ يُعَزِّينِي بِهَا فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ فَقِيهٌ عَالِمٌ عَابِدٌ مُجْتَهِدٌ وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَانَ بِهَا مُعْجَبًا وَلَهَا مُحِبًّا فَمَاتَتْ فَوَجَدَ عَلَيْهَا وَجْدًا شَدِيدًا وَلَقِيَ عَلَيْهَا أَسَفًا حَتَّى خَلَا فِي بَيْتٍ وَغَلَّقَ عَلَى نَفْسِهِ وَاحْتَجَبَ مِنَ النَّاسِ فَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَإِنَّ امْرَأَةً سَمِعَتْ بِهِ فَجَاءَتْهُ فَقَالَتْ إِنَّ لِي إِلَيْهِ حَاجَةً أَسْتَفْتِيهِ فِيهَا لَيْسَ يُجْزِينِي فِيهَا إِلَّا مُشَافَهَتُهُ فَذَهَبَ النَّاسُ وَلَزِمَتْ بَابَهُ وَقَالَتْ مَا لِي مِنْهُ بُدٌّ فقال له قائل إن ها هنا امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تَسْتَفْتِيَكَ وَقَالَتْ إِنْ أَرَدْتُ إِلَّا مُشَافَهَتَهُ وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute