وَهِيَ لَا تُفَارِقُ الْبَابَ فَقَالَ ائْذَنُوا لَهَا فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ إِنِّي جِئْتُكَ أَسْتَفْتِيكَ فِي أَمْرٍ قَالَ وَمَا هُوَ قَالَتْ إِنِّي اسْتَعَرْتُ مِنْ جَارَةٍ لِي حُلِيًّا فَكُنْتُ أَلْبَسُهُ وَأُعِيرُهُ زَمَانًا ثُمَّ إِنَّهُمْ أَرْسَلُوا إِلَيَّ فِيهِ أَفَأُؤَدِّيهِ إِلَيْهِمْ فَقَالَ نَعَمْ وَاللَّهِ فَقَالَتْ إِنَّهُ قَدْ مَكَثَ عِنْدِي زَمَانًا فَقَالَ ذَلِكَ أَحَقُّ لِرَدِّكِ إِيَّاهُ إِلَيْهِمْ حِينَ أَعَارُوكِيهِ زَمَانًا فَقَالَتْ أَيْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَفَتَأْسَفُ عَلَى مَا أَعَارَكَ اللَّهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْكَ وَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْكَ فَأَبْصَرَ مَا كَانَ فِيهِ وَنَفَعَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِ الْمَرْأَةِ وَلَا مَا ذَكَرَتْهُ مِنَ الْعَارِيَةِ عَلَى جِهَةِ ضَرْبِ الْمَثَلِ مَا يَدْخُلُ فِي مَذْمُومِ الْكَذِبِ بَلْ ذَلِكَ مِنَ الْخَيْرِ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَنْ قَالَ خَيْرًا أَوْ نَمَى خَيْرًا أَوْ أَصْلَحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ
وَهَذَا خَبَرٌ حَسَنٌ عَجِيبٌ فِي التَّعَازِي لَيْسَ فِي كُلِّ الْمُوَطَّآتِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْحٍ وَلَا تَفْسِيرٍ وَلَا اجْتِهَادٍ
وَفِي مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ مِنَ النَّظْمِ قَوْلُ لَبِيَدٍ
(وَمَا الْمَالُ وَالْأَهْلُونَ إِلَّا وَدَائِعُ ... وَلَا بُدَّ يَوْمًا أَنْ تُرَدَّ الْوَدَائِعُ)
وَقَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ
(إِنَّمَا أَنْفُسُنَا عَارِيَةٌ ... وَالْعُوَّارِي مَصِيرُهَا أَنْ تُسْتَرَدَّ)
(نحن للآفات اعتراض فإن ... أخطأتنا فلناا الْمَوْتُ رَصْدُ)
وَبَابُ التَّعَازِي بَابٌ لَا تُحَاطُ أَقْوَالُ النَّاسِ فِيهِ وَخَيْرُ الْقَوْلِ قَوْلٌ صَادَفَ قَبُولًا فَنَفَعَ
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا عَزَّى بِهِ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ سَهْمَ بْنَ عَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute