للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَرْطٌ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ شَيْءٌ سَوَاءٌ كَانُوا يَعْشِرُونَ الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهِ فِي حِينِ دُخُولِهِ وَعَقْدِ الْأَمَانِ لَهُ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ فَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمَانَ يَحْقِنُ الدَّمَ وَالْمَالَ فَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْمَسْتَأْمَنِ أَنْ لَا يُؤَمَّنَ فِي دُخُولِهِ إِلَيْنَا إِلَّا بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ

وَيَكْرَهُ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُؤْمَّنَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِلَّا بَعْدَ الشَّرْطِ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُخَالِفَ سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ

وَأَمَّا مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فَإِنَّ مَذْهَبَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُنَّةَ عُمَرَ قَدْ كَانَتْ فَشَتْ عِنْدَهُمْ وَعَرَفُوهَا كَمَا فَشَتْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الِاشْتِرَاطِ

وَمَا أَعْلَمُ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ عِلَّةً فِي الْأَخْذِ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِ إِلَّا فِعْلَ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَكَذَلِكَ كِبَارُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَإِنَّمَا خَالَفَ مَالِكٌ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي هَذَا الْبَابِ لِمَا رَوَاهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنْتُ عَامِلًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى سُوقِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَانَ يَأْخُذُ مِنَ النِّبْطِ الْعُشْرَ

رَأَى مَالِكٌ قَوْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَعْلَى مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَمَالَ إِلَيْهِ فَأَخَذَ الْعُشْرَ مِنَ الذِّمِّيِّ

وَسَتَأْتِي مَعَانِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَاكْتُبْ لَهُمْ كِتَابًا بِمَا تَأْخُذُ مِنْهُمْ إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْحَوْلِ فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ عِنَدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الْحَوْلِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْإِمَامَةِ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَاحِدًا فِي أَقْطَارِ الْإِسْلَامِ وَيَكُونَ أُمَرَاؤُهُ فِي كُلِّ أُفُقٍ يَتَخَيَّرُهُمْ وَيَتَفَقَّدُ أَمُورَهُمْ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْجَوَازِ عاملا لِلْإِمَامِ يَأْخُذُ مِنَ التَّاجِرِ الْمُسْلِمِ زَكَاةَ مَالِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ بِذَلِكَ كِتَابًا يَسْتَظْهِرُ بِهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ عِنْدَ غَيْرِهِ مِنَ الْعُمَّالِ الطَّالِبِينَ لِلزَّكَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْطَعُ بِذَلِكَ مَذْهَبَ مَنْ رَأَى تَحْلِيفَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ أَدَّوْا وَلَمْ يَحُلْ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمِ الْحَوْلُ وَيَجْمَعُ تِلْكَ الْعِلَّةَ بِالْكِتَابِ لَهُمْ

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَصَدَّقٌ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نُقْصَانِ الْحَوْلِ إِذَا قَالَ لَهُمْ لَمْ أَسْتَفِدْ هَذَا الْمَالَ إِلَّا مُنْذُ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَحُلْ عَلَيَّ فِيهِ حَوْلٌ وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ قَدْ أَدَّيْتُ لَمْ يَحْلِفْ إِلَّا أَنْ يُتَّهَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>