للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الْحَوْلِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَجَبَ عَلَى مَذْهَبِهِ الْكِتَابُ لَهُمْ بِذَلِكَ أَيْضًا وَمَنْ قَالَ يُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ كُلَّمَا اتَّجَرَ فَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى كِتَابٍ

وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ إِذَا قَالَ الْمُسْلِمُ قَدْ أَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي إِلَى الْمَسَاكِينِ

فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَضَعُهَا مَوْضِعَهَا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْسِمَهَا حَتَّى يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَضَعُهَا مَوْضِعَهَا قَسَمَهَا هُوَ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَهَا إِلَى أَهْلِهَا دُونَ السُّلْطَانِ فَإِنْ فَعَلَ فَلِلسُّلْطَانِ أَخْذُهَا مِنْهُ وَقِيَاسُ قَوْلِهُ الْمِصْرِيِّ أَنَّهُ إِذَا قَالَ أَدَّيْتُهَا كَانَ مُصَدَّقًا وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي الْحَوْلِ أَنَّهُ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ يَقْبَلُ السُّلْطَانُ قَوْلَهُ وَقَدْ أَجَزْتُ عَنْهُ

قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيَمَا يُدَارُ مِنَ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَاتِ إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مُوَطَّئِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ التِّجَارَةَ تَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا رَجُلٌ يَبْتَاعُ السِّلَعَ فِي حِينِ رُخْصِهَا وَيَرْتَادُ نِفَاقَهَا فَيَأْتِي عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَامُ وَالْأَعْوَامُ وَلَمْ يَبِعْ تَلِكَ السِّلْعَةِ وَقَدْ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ الْعُرُوضِ حَتَّى يَبِيعَهَا فَإِذَا بَاعَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالدَّيْنِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صَاحِبُهُ وَقَدْ غَابَ عَنْهُ وَمَكَثَ أَعْوَامًا عِنْدَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ

وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ وَالَّذِينَ قَالُوا فِي الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّيهِ إِذَا قَبَضَهُ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عطاء الخرساني

وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمَالِ الضِّمَارِ وَهُوَ الْمَحْبُوسُ عَنْ صَاحِبِهِ

وَالْآخَرُ هُوَ الَّذِينَ يُسَمُّونَهُ الْمُدِيرَ وَهُمْ أَصْحَابُ الْحَوَانِيتِ بِالْأَسْوَاقِ الَّذِينَ يَبْتَاعُونَ السِّلَعَ وَيَبِيعُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَا أَمْكَنَهُمْ بَيْعُهُ بِمَا أَمْكَنَ مِنْ قَلِيلِ النَّاضِّ وَكَثِيرِهِ وَيَشْتَرُونَ مِنْ جِهَةٍ وَيَبِيعُونَ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَهَؤُلَاءِ إِذَا حَالَ الْحَوْلُ عليهم من يوم ابتدؤوا تِجَارَتَهُمْ قَدَّمُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعُرُوضِ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ فَيَضُمُّونَ إِلَى ذَلِكَ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ وَيُزَكُّونَ الْجَمِيعَ بِعَيْنِهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُونَ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَّوْهُ

قَالَ مَالِكٌ وَمَا كَانَ مِنْ مَالٍ عِنْدَ رَجُلٍ يُدِيرُهُ لِلتِّجَارَةِ وَلَا يَنِضُّ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>