للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجُوزُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ لِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا لَا يُحْمَلُ مَدْلُولُهُ عَلَى عُمُومِهِ بِدَلِيلِ الْخَمْسَةِ الْأَغْنِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي حَدِيثِ هَذَا الْبَابِ

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ وَهِيَ الزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْأَمْوَالِ لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ غَيْرَ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَا الحديث الموصوفين فيه

وكان بن الْقَاسِمِ يَقُولُ لَا يَجُوزُ لِغَنِيٍّ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ وَيُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْفَقِيرِ

قَالَ وَكَذَلِكَ الْغَارِمُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا بَقِيَ لَهُ مَالُهُ وَيُؤَدِّي مِنْهَا دَيْنَهُ وَهُوَ عَنْهَا غَنِيٌّ

قَالَ وَإِنِ احْتَاجَ الْغَازِي فِي غَزْوَتِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ لَهُ مَالٌ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنَ الصَّدَقَةِ شَيْئًا وَاسْتَقْرَضَ فَإِذَا بَلَغَ بَلَدَهُ أَدَّى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ

هَذَا كُلُّهُ ذَكَرَهُ بن حبيب عن بن القاسم وزعم أن بن قَانِعٍ وَغَيْرَهُ خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ

وَرَوَى أَبُو زيد وغيره عن بن الْقَاسِمِ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّكَاةِ يُعْطَى مِنْهَا الْغَازِي وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي غَزَاتِهِ مَا يَكْفِيهِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ غَنِيٌّ فِي بَلَدِهِ

وروى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا الْغُزَاةُ وَمَنْ لَزِمَ مَوَاضِعَ الرِّبَاطِ فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ

وَذَكَرَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِلْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَوِ احْتَاجَ فِي غَزْوَتِهِ وَغَابَ عَنْهُ غِنَاهُ وَوَبَرُهُ وَلَا تَحِلُّ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ مَالُهُ مِنَ الْغُزَاةِ

قَالَ عِيسَى وَتَحِلُّ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يَجْمَعُ مِنْ عِنْدِ أَرْبَابِ الْمَوَاشِي وَالْأَمْوَالِ فَهَذَا يُعْطَى مِنْهَا عَلَى قَدْرِ سَعْيِهِ لَا عَلَى قَدْرِ مَا جَمَعَ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالْعُشُورِ وَلَا يُنْظَرُ إِلَى الثَّمَنِ وَلَيْسَ الثَّمَنُ بِفَرِيضَةٍ

قَالَ وَتَحِلُّ لِغَارِمٍ غُرْمًا قَدْ فَدَحَهُ وَذَهَبَ بِمَالِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ غُرْمُهُ فِي فَسَادٍ وَلَا دَيْنُهُ فِي فَسَادٍ مِثْلُ أَنْ يَسْتَدِينَ فِي نِكَاحٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمُبَاحِ وَالصَّلَاحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>