للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا جَائِرٌ لِلْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا ذَهَبَ نَفَقَتُهُ وَمَالُهُ غَائِبٌ عَنْهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُبْلِغُهُ

قَالُوا وَالْمُحْتَمِلُ بِحَمَالَةٍ فِي بِرٍّ وَإِصْلَاحٍ وَالْمُتَدَايِنُ فِي غَيْرِ فَسَادٍ كِلَاهُمَا يَجُوزُ لَهُ أَدَاءُ دَيْنِهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْحَمِيلُ غَنِيًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ إِذَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ يُجْحِفُ بِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُ فِيمَا وَصَفْنَا عَنْهُ ظَاهِرُ حَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَحَدِيثُ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بإسناد فِي التَّمْهِيدِ وَفِيهِ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةٍ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ - يَعْنِي مَا تَحَمَّلَ بِهِ - ثُمَ يُمْسِكُ

فَقَوْلُهُ ثُمَّ يُمْسِكُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنِ السُّؤَالِ مَعَ فَقْرِهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ عَطْفُهُ ذِكْرَ الَّذِي ذَهَبَ مَالُهُ وَذِكْرَ الْفَقِيرِ ذِي الْفَاقَةِ عَلَى ذِكْرِ صَاحِبِ الْحَمَالَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ مَالُهُ وَلَمْ تُصِبْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يُشْهَدَ لَهُ بِهَا

وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ تَحِلُّ لِمَنْ عَمِلَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لها بماله والذي تُهْدَى إِلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَنْ ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ يُشْبِهُ أَنَّ الْخَمْسَةَ تَحَلُّ لَهُمُ الصَّدَقَةُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَغْنِيَاءِ

قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْوَالِي فَأَيُّ الْأَصْنَافِ كَانَتْ فِيهِ الْحَاجَةُ وَالْعَدَدُ أُوثِرَ ذَلِكَ الصِّنْفُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْوَالِي وَعَسَى أَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَى الصِّنْفِ الْآخَرِ بَعْدَ عَامٍ أَوْ عَامَيْنِ أَوْ أَعْوَامٍ فَيُؤْثَرُ أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْعَدَدِ حَيْثُمَا كَانَ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا أَدْرَكْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ إِلَّا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنْ لَدُنِ التَّابِعِينَ فِي كَيْفِيَّةِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ وَهَلْ هِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>