للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَإِنْ أَعْطَيْتَهُ أَجْزَأَكَ وَلَا بَأْسَ أَنْ تُعْطِيَهُ أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا

وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ

وقول بن شُبْرُمَةَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ

وَكُلُّ مَنْ حَدَّ في أقل الغنى حدا ولم يحد فَإِنَّمَا هُوَ مَا لَا غِنَى عَنْهُ مِنْ دَارٍ تَحَمِلُهُ لَا تَفْضُلُ عَنْهُ أَوْ خَادِمٍ هُوَ شَدِيدُ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ

وَكُلُّهُمْ يُجِيزُ لِمَنْ كَانَ لَهُ مَا يُكِنُّهُ مِنَ الْبُيُوتِ وَيَخْدِمُهُ مِنَ الْعَبِيدِ لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ وَلَا فَضْلَ لَهُ مِنْ مَالٍ يَتَحَرَّفُ بِهِ وَيَعْرِضُهُ لِلِاكْتِسَابِ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَلَا يَكُونُ غَنِيًّا بِهِ

فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَإِنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْ طَائِفَةٍ فِي التَّمْهِيدِ

وأما قوله عز وجل (والعاملين عليها) التَّوْبَةِ ٦٠ فَلَا خِلَافَ بَيْنِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْعَامِلَ عَلَى الصَّدَقَةِ لَا يَسْتَحِقُّ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْهَا ثُمُنًا أَوْ سُبُعًا أَوْ سُدُسًا وَإِنَّمَا تعطى بِقَدْرِ عَمَالَتِهِ

وَأَمَّا أَقَاوِيلُهُمْ فِي ذَلِكَ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ لَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ إِلَّا عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا الْمُتَوَلُّونَ قَبْضَهَا مِنْ أَهْلِهَا فَأَمَّا الْخَلِيفَةُ وَوَالِي الْإِقْلِيمِ الَّذِي يُوَلِّي أَخْذَهَا عَامِلًا دُونَهُ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ وَكَذَلِكَ مَنْ أَعَانَ وَالِيًا عَلَى قَبْضِهَا مِمَّنْ بِهِ الْغِنَى عَنْ مَعُونَتِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ فِي سَهْمِ الْعَامِلِينَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا أَغْنِيَاءَ أَمْ فُقَرَاءَ مِنْ أَهْلِهَا كَانُوا أَوْ غُرَبَاءَ

قَالَ وَلَا سَهْمَ فِيهَا لِلْعَامِلِينَ مَعْلُومٌ وَيُعْطَوْنَ لِعَمَالَتِهِمْ عَلَيْهَا بِقَدْرِ أُجُورِ مِثْلِهِمْ فِيمَا تَكَلَّفُوا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَقَامُوا بِهِ مِنَ الْكِفَايَةِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يُعْطَى الْعَامِلُونَ عَلَى مَا رَأَى الْإِمَامُ

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُعْطَى الْعَامِلُونَ بِقَدْرِ عَمَالَتِهِمْ كَانَ دُونَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ لَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مُوَقَّتٌ

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) التَّوْبَةِ ٦٠ فَقَالَ مَالِكٌ لَا مُؤَلَّفَةَ الْيَوْمَ

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَمَّا الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ فَكَانُوا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم

وقال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ قَدْ سَقَطَ سَهْمُهُمْ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ حق

<<  <  ج: ص:  >  >>