وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ مَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ وَلَاءٍ وَلَا يُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ مُشْرِكٌ لِيُتَأَلَّفَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يُعْطَى إِنْ كَانَ مُسْلِمًا إِلَّا إِذَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ لَا تَكُونُ الطَّاعَةُ لِلْوَالِي قَائِمَةً فِيهَا وَلَا يَكُونُ مَنْ يَتَوَلَّى الصَّدَقَةَ قَوِيًّا عَلَى اسْتِخْرَاجِهَا إِلَّا بِالْمُؤَلَّفَةِ أَوْ تَكُونُ بِلَادُ الصَّدَقَةِ مُمْتَنِعَةً بالبعد وكثرة الأهل فيمتنعون عن الأذى ويكونوا قَوْمًا لَا يُوثَقُ بِثَبَاتِهِمْ فَيُعْطَوْنَ مِنْهَا الشَّيْءَ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنَ الْإِمَامِ لَا يَبْلُغُ اجْتِهَادُهُ فِي حَالٍ أَنْ يَزِيدَهُمْ عَلَى سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلْيَنْقُصْهُمْ مِنْهُ إِنْ قَدِرَ حَتَّى يَقْوَى بِهِمْ عَلَى أَخْذِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَهْلِهَا
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ مِثْلَهَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وفي الرقاب) التَّوْبَةِ ٦٠ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئًا لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَالْعَبْدُ لَا يُعْطَى مِنْهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا مِنَ الْكَفَّارَاتِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ عِنْدَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَلِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهُ هَذَا فِي الْكَفَّارَاتِ وَأَمَّا فِي الْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا عَجَزَ فَصَارَ عَبْدًا
قَالَ مَالِكٌ وَلَا يُعْتَقُ مِنَ الزَّكَاةِ إِلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ وَمَنِ اشْتَرَى مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَأَعْتَقَهَا كَانَ وَلَاؤُهَا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
وَهُوَ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الرَّقَبَةَ مِنْ زَكَاتِهِ فَيُعْتِقَهَا عَلَى عُمُومِ الْآيَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو حنيفة والثوري وبن شُبْرُمَةَ لَا يُجْزِئُ الْعِتْقُ مِنَ الزَّكَاةِ
وَمَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمْ (وَفِي الرِّقَابِ) هُمُ المكاتبون فإن أعطى المكاتب في أخذ كتابته مَا يَتِمُّ بِهِ عِتْقُهُ كَانَ حَسَنًا وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْحَالِ ثُمَّ عَجَزَ أَجْزَتْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُعَانُ الْمُكَاتَبُ
وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ وَالْأَوَّلُ هُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الرِّقَابُ الْمُكَاتَبُونَ مِنْ جيران الصدقة فإن اتسع لهم السهم أعطو حَتَّى يُعْتَقُوا وَإِنْ دَفَعَ ذَلِكَ الْوَالِي إِلَى مَنْ يُعْتِقُهُمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ دَفْعَهُ إِلَيْهِمْ أَجْزَأَهُ
وأما قوله عز وجل (والغارمين) التوبة ٦٠ فقد مضى قول بن الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْغَارِمُونَ صِنْفَانِ صِنْفٌ أَدَانُوا فِي مَصْلَحَةٍ وَمَعْرُوفٍ وَصِنْفٌ دَانُوا فِي حَمَالَاتٍ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنٍ فَيُعْطَوْنَ مِنْهَا مَا تُقْضَى بِهِ دُيُونُهُمْ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُرُوضٌ تُبَاعُ في الديون