وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِرَذَالَةِ مَالِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَأَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَابٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ هَذَانِ النَّوْعَانِ فِي الصَّدَقَةِ لِلتَّمْرِ عَنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا أُخِذَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الدَّنِيُّ كُلُّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِيَنَئِذٍ يُتَيَمَّمُ الْخَبِيثُ إِذَا أُخْرِجَ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ نَوْعَيْنِ رَدِيئًا وَجَيِّدًا أُخِذَ مِنْ كُلٍّ بِحِسَابِهِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنَ الرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ وَلَا مِنَ الْجَيِّدِ عَنِ الرَّدِيءِ
وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّمْرُ أَصْنَافًا أُخِذَ مِنَ الْوَسَطِ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ مِنَ الثِّمَارِ إِلَّا النَّخِيلُ وَالْأَعْنَابُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرَصُ حِينَ يَبْدُو صَلَاحُهُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ يُؤْكَلُ رُطَبًا وَعِنَبًا فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ وَلِئَلَّا يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ ضِيقٌ فَيُخْرَصُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وبينه يأكلونه كيف شاؤوا ثُمَّ يُؤَدُّونَ مِنْهُ الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ عَلَيْهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي الْكِتَابِ الْمِصْرِيِّ وَقَالَ بِالْقِرَآنِ يُخْرَصُ الْكَرْمُ وَالنَّخْلُ فَالْحَبُّ وَالزَّيْتُونُ قِيَاسًا عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَاتِّبَاعًا لِأَنَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ النَّاسَ
قُلْنَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي أَنَّ الْحُبُوبَ كُلَّهَا لَا يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنْهَا وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الزَّيْتُونِ فَمَالِكٌ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خَرْصٍ (عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ)
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْخَرْصُ بَاطِلٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُؤَدَّى عُشْرُهُ زَادَ أَوْ نَقَصَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخَرْصَ لِلزَّكَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعْمُولٌ بِهِ سُنَّةٌ مَعْمُولَةٌ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْسِلُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ وَغَيْرَهُ إِلَى خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا يَخْرُصُ الثِّمَارَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِالْمُدَايَنَةِ شُذُوذٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute