وَكَذَلِكَ شَذَّ دَاوُدُ فَقَالَ لَا يُخْرَصُ إِلَّا النَّخْلُ خَاصَّةً وَدَفَعَ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَالَ إِنَّهُ مُنْقَطِعٌ لن يُسْمَعْ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي خَرْصُ الْعِنَبِ إِلَّا فِي حَدِيثِ عَتَّابٍ الْمَذْكُورِ
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُخْرَصُ إِلَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ وَأَهْلُهُ أُمَنَاءُ عَلَى ما رفعوا إلا أن يهتموا فينصب للسلطان أَمِينًا
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ يُخْرَصُ الرُّطَبُ تَمْرًا أَوِ الْعِنَبُ زَبِيبًا فَإِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فِي الْخَرْصِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ
فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَمَّا الْحُبُوبُ لَا تُخْرَصُ فَهُوَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا وَصَفْنَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْجَائِحَةِ أَنَّ النَّاسَ أُمَنَاءُ فِيمَا يدعون منها فهذا لا خلاف فيها إِلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُ مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبِنْ كَذِبُهُ وَأُوهِمَ أُحْلِفَ
وَأَمَّا مَا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ مِنْ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا أَكَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَطْعَمَ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ أُخِذَ مِنْهُ عُشْرُ مَا بَقِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّا أَكَلَ وَأَطْعَمَ وَلَوْ أَكَلَ الْخَمْسَةَ الْأَوْسُقِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عُشْرٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ مَا بَقِيَ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ يَبْدَأُ بِهَا قَبْلَ النَّفَقَةِ وَمَا أَكَلَ كَذَلِكَ هُوَ وَأَهْلُهُ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الرُّطَبِ الَّذِي تُرِكَ لِأَهْلِ الْحَائِطِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يُخْرَصُ عَلَيْهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَتْرُكُ الْخَارِصُ لِرَبِّ الْحَائِطِ مَا يَأْكُلُهُ هُوَ وَأَهْلُهُ رُطَبًا لَا يَخْرُصُهُ عَلَيْهِمْ وَمَا أَكَلَهُ وَهُوَ رُطَبٌ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كلوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ ١٤١ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْمَأْكُولُ قَبْلَ الْحَصَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ