للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا نَوَى بِالتَّقْلِيدِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ

وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ (فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) الْبَقَرَةِ ١٩٧

وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُ الْحَجِّ وَتَلْبِيَتِهِ فِي حِينِ تَقْلِيدِهِ الْهَدْيَ وَإِشْعَارِهِ

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ بن عمر كقول بن عَبَّاسٍ مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ سَوَاءٌ خَرَجَ مَعَهُ أو بعث به وَأَقَامَ وَهُوَ يَفْعَلُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ

وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ قَالَ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي حَالًّا

وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ

وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ فَقَالَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أَقَامَ فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُسْنَدِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ لَزِمَهُ إِذَا قَلَّدَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَجْتَنِبَ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ الْحَاجُّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ

وَتَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ

رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن سعيد بن المسيب قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ بُدْنَهُ قُلِّدَتْ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ جَارِيَتِهِ فَانْتَزَعَهُ

وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ قَالَ مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أَوْ جَلَّلَ فَقَدْ أَحْرَمَ

وَرُوِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَثَرٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)

وَفِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَعُلُومِ الدِّيَانَةِ فَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأكثر مِنْ رَدِّ قَوْلِهِ وَمُخَالَفَتِهِ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>