للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الِاهْتِبَالِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَالْكِتَابِ فِيهِ إِلَى الْبُلْدَانِ

وَفِيهِ عَمَلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَيْدِيِهِنَّ وَامْتِهَانِهِنَّ أَنْفُسَهُنَّ وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَهِنُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ بَيْتِهِ فَرُبَّمَا خَاطَ ثَوْبَهُ وَخَصَفَ نَعْلَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِيَدِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)

وَفِيهِ أَنَّ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ لَا يُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الْإِحْرَامَ

وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي سَبَقَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ الْحُجَّةُ عِنْدَ الشَّارِعِ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يُوجِبُ الْإِحْرَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِهِ

هَذِهِ جُمْلَةُ أَقْوَالِهِمْ وَأَمَّا تَفْصِيلُهَا فَ

قَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ فَقَدْ أَحْرَمَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَلْيَبْعَثْ بِهَدْيِهِ وَلْيَقُمْ حَلَالًا

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو ثور وداود ولا يكون أحدا محرما بِسِيَاقَةِ الْهَدْيِ وَلَا بِتَقْلِيدِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِحْرَامٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ وَيُرِيدَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَهُوَ يَؤُمُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَلَّدَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَإِنَّ جَلَّلَ الْهَدْيَ أَوْ أَشْعَرَهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا وَإِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ

وَقَالَ إِنْ كَانَتْ مَعَهُ شَاةٌ فَقَلَّدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ

وَقَالَ إِنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ فَقَلَّدَهُ وَأَقَامَ حَلَالًا ثُمَّ بَدَى لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ وَاتَّبَعَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا حِينَ يَخْرُجُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِذَا أَدْرَكَ هَدْيَهُ وَأَخَذَهُ وَسَارَ بِهِ وَسَاقَهُ مَعَهُ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَإِنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ لِمُتْعَةٍ ثُمَّ أَقَامَ حَلَالًا أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ كَانَ قَلَّدَ هَدْيَهُ فَهُوَ مُحْرِمٌ حِينَ يَخْرُجُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ بَعَثَ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ

قَالَ أَبُو عُمَرُ رُوِيَ عن عطاء نحو مذهب بن عَبَّاسٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ

رَوَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرزاق وهشام بن يوسف عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ أَمَّا الِّذِي قَلَّدَ الْهَدْيَ فَقَدْ أَحْرَمَ

قَالَ وَمِثْلُ التَّقْلِيدِ فَرْضُ الرَّجُلِ هَدْيَهُ ثُمَّ يَقُولُ أَنْتَ هَدْيٌ أَوْ قَدْ أَهْدَيْتُكَ

قَالَ وَبِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الْمُجَلَّلُ وَالْإِشْعَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>