وَأَمَّا قَوْلُهُ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمُ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَقَدْ كَانَ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَفِيهِ جَوَازُ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَفِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ وَفِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْعُمْرَةِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا مَعًا
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَكْمَلَ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مَا لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ الطَّوَافِ مَا لَمْ يَرْكَعْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ
وَهَذَا شُذُوذٌ لَا نَظَرَ فِيهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ
وَقَالَ أَشْهَبُ مَتَى طَافَ لِعُمْرَتِهِ شَوْطًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِيمَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ فِي الطَّوَافِ
فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعَدَ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ لَزِمَهُ وَصَارَ قَارِنًا
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا قَبْلَ الْأَخْذِ بِالطَّوَافِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ قَارِنًا
وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حديث بن عُمَرَ ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ طَوَافًا وَاحِدًا وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى فَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إن طواف الدخول إذا وصل بالسعي يجزئ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ لِسُنَّةٍ وَلَمْ يُؤَدِّهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرَ مَالِكٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
عَلَى أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِلَّا ما كان من الوقوف بعرفة قَبْلَ الْجَمْرَةِ أَوْ بَعْدَهَا