وَهُوَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَأَنْكَرَ رِوَايَةَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لا يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّ طَوَافَ قَبْلِ عَرَفَةَ سَاقِطٌ عَنِ الْمَكِّيِّ وَعَنِ الْمُرَاهِقِ
وَهُمْ مجمعون على أن طواف الإفاضة الذي يجزئ عَنْ طَوَافِ الْقُدُومِ إِذَا وَصَلَ بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلنَّاسِي وَالْجَاهِلِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا أَوْ مَكِّيًّا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَهَذَا يَدُلُّكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ قَوْلِ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ الْمُفْتَرَضَ فِي الْحَجِّ طَوَافٌ وَاحِدٌ لَا غَيْرَ وَمَا سِوَاهُ سُنَّةٌ إِلَّا أَنَّ حُكْمَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَسُنَّتِهِ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ النَّحْرِ مِمَّا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ أيام التشريق
وفيما ذكرنا أيضا عن بن عُمَرَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي أَنَّ الْقَارِنَ يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ
وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَوْلِهَا فِيهِ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هذا الكتاب
وقال القعنبي في حديث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى شَاةً وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الموطأ يحيى ولا بن الْقَاسِمِ وَلَا أَبُو الْمُصْعَبِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا عَلَى الْقَارِنِ مِنَ الْهَدْيِ أَوِ الصِّيَامِ فَرُوِيَ عن بن عُمَرَ أَنَّ الْقَارِنَ أَوِ الْمُتَمَتِّعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَكَانَ يَقُولُ (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) الْبَقَرَةِ ١٩٦ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ يُرِيدُ بَدَنَةً دُونَ بُدْنِهِ أَوْ بَقَرَةً مِنْ بَقَرِهِ وَهَذَا مِنْ مَذْهَبِهِ مَشْهُورٌ معلوم محفوظ وهو يرد رواية القعنبي في حديث بن عُمَرَ هَذَا وَيَشْهَدُ بِأَنَّهُ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ وَأَهْدَى شَاةً
إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) الْبَقَرَةِ ١٩٦ قَالُوا شَاةٌ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عمر وعلي وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ
وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْقَارِنِ إِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وسبعة إذا رجع هو وَالْمُتَمَتِّعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ