للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَدُوٍّ وَلَا بِمَرَضٍ أَنْ يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ وَإِنْ أَجَازُوا لِلْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ أَنْ يَبْعَثَ بِهَدْيٍ وَيُوَاعِدَ حَامِلَهُ يَوْمَ يَنْحَرُهُ فِيهِ فَيَحْلِقُ وَيَحِلُّ فَقَدْ أَجَازُوا لَهُ أَنْ يَحِلَّ عَلَى غَيْرِ يَقِينٍ مِنْ نَحْرِ الْهَدْيِ وَبُلُوغِهِ وَحَمَلُوهُ عَلَى الْإِحْلَالِ بِالظُّنُونِ وَالْعُلَمَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَهُ شَيْءٌ مِنْ فَرَائِضِهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِالظَّنِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظَنٌّ قَوْلُهُمْ لَوْ عَطِبَ ذَلِكَ الْهَدْيُ أَوْ ضَلَّ أَوْ سُرِقَ فَحَلَّ مُرْسِلُهُ وَأَصَابَ النِّسَاءَ وَصَادَ أَنَّهُ يَعُودُ حَرَامًا وَعَلَيْهِ جَزَاءُ مَا صَادَ فَأَبَاحُوا لَهُ فَسَادَ الْحَجِّ بِالْجِمَاعِ وَأَلْزَمُوهُ مَا يَلْزَمُ مَنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ

وَهَذَا مَا لَا خَفَاءَ بِهِ مِنَ التَّنَاقُضِ وَضَعْفِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا بَنَوْا مذهبهم على قول بن مَسْعُودٍ وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي خِلَافِ غَيْرِهِ لَهُ

وَأَمَّا قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْبَابِ الْمُحْرِمُ لا يحله إلا البيت فمعناه المحرم يمرض لَا يَقْدِرُ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ فَإِنِ احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ يَتَدَاوَى بِهِ وَافْتَدَى فَإِذَا بَرَأَ أَتَى الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ وَسَعَى وَلَا يَحِلُّ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذلك

وهو كقول بن عمر سواء ومثله قول بن عَبَّاسٍ

وَالنَّاسُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ أَيُّوبَ وحديثه عن بن شهاب عن سالم عن بن عُمَرَ مِثْلُهُ أَيْضًا

وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ حُزَابَةَ صُرِعَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَسَأَلَ مَنْ يَلِي عَلَى الْمَاءِ الَّذِي كَانَ بِهِ فَوَجَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَمَعْنَاهُ أَيْضًا مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ سَوَاءٌ عَنِ بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ

وَأَمَّا قَوْلُهُ فِيهِ فَإِذَا صَحَّ اعْتَمَرَ فَإِنَّهُ أَرَادَ إِذَا صَحَّ أَتَى مَكَّةَ فَعَمِلَ عُمْرَةً هُوَ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ

ثُمَّ عَلَيْهِ حَجٌّ قَابِلٌ وَيُهْدِي مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ

قال مالك وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ يُرِيدُ أَنَّهُ يَقْضِي حَجَّهُ إِنْ كَانَ حَاجًّا أَوْ عُمْرَتَهُ إِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا بِخِلَافِ مَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ وَهَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حِينَ فَاتَهُمَا الْحَجُّ وَأَتَيَا أَنْ يَحِلَّا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَرْجِعَا حَلَالًا ثُمَّ يَحُجَّانِ عَامًا قَابِلًا وَيَهْدِيَانِ إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ أَرْسَلَ هَذَا حُجَّةً لِمَذْهَبِهِ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَا يُحِلُّهُ إِلَّا الْبَيْتُ يَطُوفُ بِهِ ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِذَا كَانَ مُحْصَرًا حَابِسٌ لَهُ عَنْ إِدْرَاكِ الْحَجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>