وَهُوَ كَالَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِغَيْرِ مَرَضٍ مِنْ خطأ عدد أو عذر يفعل ما يفعله الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ وَهُوَ عَمَلُ الْعُمْرَةِ وَقَدْ أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب وهبار بِذَلِكَ
ثُمَّ أَبَانَ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا مَزِيدَ فِيهِ فَقَالَ كُلُّ مَنْ حُبِسَ عَنِ الْحَجِّ بَعْدَ مَا يُحْرِمُ إِمَّا بِمَرَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِخَطَأٍ مِنَ الْعَدَدِ أَوْ خَفِيَ عَلَيْهِ الْهِلَالُ فَهُوَ مُحْصَرٌ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُحْصَرِ
وَلَا خِلَافَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضٍ وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ حُكْمُهُمَا سَوَاءٌ كِلَاهُمَا يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ دَمٌ لَا يَذْبَحُهُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ يَنْحَرُهُ حَيْثُ حُبِسَ فِي حِلٍّ كَانَ أَوْ حَرَمٍ
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِنَّمَا يَنْحَرُهُ فِي الْحِلِّ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْحَرَمِ
وَالْمَعْرُوفُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْصَرِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ أُحْصِرَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الْحَجِّ ٣٣ بِدَلِيلِ نَحْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي الْحِلِّ وَقَوْلُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) الْفَتْحِ ٢٥ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْبُلُوغَ عَلَى مَنْ قَدَرَ لَا عَلَى مَنْ أُحْصِرَ
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ فِي الْمَكِّيِّ وَالْغَرِيبِ يُحْصَرُ بِمَكَّةَ أَنَّهُ يَحِلُّ بِالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا بَقِيَ الْمَكِّيُّ مَحْصُورًا حَتَّى فَرَغَ النَّاسُ مِنْ حَجِّهِمْ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ فَيُلَبِّي وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ الْمُعْتَمِرُ وَيَحِلُّ فَإِذَا كَانَ قَابِلٌ حَجَّ وَأَهْدَى
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ قَابِلًا فَقَطْ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَحِلُّ بعمرة مجرد لها الطواف
وقال بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ أُحْصِرَ فِي مَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَقِفَ بِعَرَفَةَ
وَقَالَ أبوَ بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْمَالِكِيُّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُحْصَرِ الْمَكِّيِّ أَنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى أَهْلِ الْآفَاقِ مِنْ إِعَادَةِ الْحَجِّ وَالْهَدْيِ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ لِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الْبَقَرَةِ ١٩٦
قَالَ وَالْقَوْلُ فِي هَذَا عِنْدِي قَوْلُ الزُّهْرِيِّ فِي أَنَّ الْإِبَاحَةَ مِنَ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يُقِيمَ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ يَتَعَالَجُ وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ