ظَهْرِ الْبَيْتِ وَمَعَهُ الْفَأْسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ ثُمَّ هَدَمَ فَلَمَّا رأته قريش قد هدم منها ولم يأتهم مَا خَافُوا مِنَ الْعَذَابِ هَدَمُوا مَعَهُ حَتَّى إِذَا بَنَوْهَا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ حَتَّى كَادَ يَشْجُرُ بَيْنَهُمْ فَقَالُوا تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطَّلِعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلَامٌ عَلَيْهِ وِشَاحٌ نَمِرَةٌ فَحَكَّمُوهُ فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَأَعْطَاهَا نَاحِيَةً من الثوب ثم ارتقى فرفع إِلَيْهِ الرُّكْنُ فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم
وذكر بن جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ هَذَا وَحَدِيثُهُمَا أَكْمَلُ وَأَتَمُّ
وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عنَ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَهْدِمَ الْكَعْبَةَ وَأَبْنِيَهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَأَجْعَلُ لَهَا بَابَيْنِ وَأُسَوِّيهَا بِالْأَرْضِ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا رَفَعُوهَا أَنْ لَا يَدْخُلَهَا إِلَّا مَنْ أَحَبُّوا
وَرَوَيْنَا أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ ذَكَرَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ مَا بَنَى الْحَجَّاجُ مِنَ الْكَعْبَةِ وَأَنْ يَرُدَّهُ إِلَى بُنْيَانِ بن الزُّبَيْرِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وامتثله بن الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ نَاشَدْتُكَ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَجْعَلَ هَذَا الْبَيْتَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنْهُمُ إِلَّا نَقَضَ الْبَيْتَ وَبَنَاهُ فَتَذْهَبُ هَيْبَتُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَديِثِ مَالِكٍ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِجْرَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَوَاجِبٌ إِدْخَالُهُ فِي الطَّوَافِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ كُلَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لَزِمَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يُدْخِلِ الْحِجْرَ فِي طَوَافِهِ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ وَأَنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَطُفِ الطَّوَافَ كَامِلًا وَأَنَّ مَنْ لَمْ يَطُفِ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ كَامِلًا يَرْجِعُ مِنْ طَوَافِهِ حَتَّى يَطُوفَهُ وهو طواف الإفاضة وممن
قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وهو قول بن عباس وعطاء
وكان بن عَبَّاسٍ يَقُولُ الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الْحَجِّ ٢٩
وَيَقُولُ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute