للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ الْجَزَاءُ إِلَّا عَلَى قَتْلِ الصَّيْدِ عَمْدًا وَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا) الْمَائِدَةِ ٩٥

وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَطَائِفَةٍ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا فِي قَتْلِ الصَّيْدِ خَطَأً وَأَمَّا الْعَمْدُ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ قَوْلِ مُجَاهِدٍ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ لِقَتْلِهِ نَاسٍ لِإِحْرَامِهِ

وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا) الْمَائِدَةِ ٩٥ فَإِنَّ مَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُ إِذَا كَانَ ذَاكِرًا لِإِحْرَامِهِ فَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَزَاءٌ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ

وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا دَلِيلُ الْخِطَابِ يَقْضِي أَنَّ حُكْمَ مَنْ قَتَلَهُ خَطَأً بِخِلَافِ حُكْمِ مَنْ قَتَلَهُ مُتَعَمِّدًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ التَّعَمُّدِ مَعْنًى

وَاسْتَشْهَدُوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ

وروي عن بن عَبَّاسٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ هَذَا الْمَعْنَى

وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ

وَأَمَّا وَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ الَّذِي لَا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ تَأْوِيلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رِضَى اللَّهُ عنهم منهم عمر وعثمان وعلي وبن مَسْعُودٍ قَضَوْا فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ وَفِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ وَفِي النَّعَامَةِ بِبَدَنَةٍ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْعَامِدِ وَالْمُخْطِئِ فِي ذَلِكَ بَلْ رَدَّ أَحَدُهُمْ عَلَى حَمَامَةٍ فَمَاتَتْ فَقَضَوْا عَلَيْهِ فِيهَا بِالْجَزَاءِ

وَكَذَلِكَ حَكَمُوا فِي مَنْ أَكَلَ مِمَّا صِيدَ من أجله بالجزاء

ومن جهة النَّظَرِ أَنَّ إِتْلَافَ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَكَذَلِكَ الصَّيْدُ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ كَمَا أَنَّ أَمْوَالَ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى بَعْضٍ

وَكَذَلِكَ الدِّمَاءُ لَمَّا كَانَتْ مُحَرَّمَةً فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَجَعَلَ اللَّهُ فِي الْخَطَأِ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>