الْكَفَّارَةَ فَكَذَلِكَ الصَّيْدُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّاهُ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ
وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ
لَيْسَ فِي إِتْلَافِ الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ رَفْعُ الْمَآثِمِ
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ سَوَاءٌ وَإِنَّمَا خَرَجَ ذِكْرُ الْعَمْدِ عَلَى الْأَغْلَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرزاق قال أخبرنا معمر الزُّهْرِيِّ قَالَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ فِي الْخَطَأِ سُنَّةٌ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهُوَ قَوْلُ النَّاسِ وَبِهِ نَأْخُذُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا قَوْلٌ شَاذٌّ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ إِلَّا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ) الْمَائِدَةِ ٩٥
قَالَ دَاوُدُ لَا جَزَاءَ إِلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ فَإِنْ عَادَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَشُرَيْحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ جبير وقتادة
ورواية عن بن عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ يُصِيبُ الصَّيْدَ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَعُودُ قَالَ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ انْتَقَمَ مِنْهُ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِنْ عَادَ لَمْ يَتْرُكْهُ اللَّهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ عُمُومُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) الْمَائِدَةِ ٩٥
وَظَاهِرُ هَذَا يُوجِبُ عَلَى مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ الْجَزَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ وَلَيْسَ فِي انْتِقَامِ اللَّهِ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ الْجَزَاءَ لِأَنَّ حُسْنَ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ
وَقَدْ قِيلَ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ انْتِقَامًا مِنْهُ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأُولَى لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ) الْمَائِدَةِ ٩٥ وَالْمَعْنَى عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ يُرِيدُ مَنْ عَادَ فِي الْإِسْلَامِ فَيَنْتَقِمُ مِنْهُ بِالْجَزَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا فِي شَرِيعَةٍ مَنْ قَبْلَهَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ جَزَاءٌ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ اللَّهِ تعالى (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تناله أيديكم ورماحكم) الْمَائِدَةِ ٩٤ فَكَانَتْ شَرِيعَةُ إِبْرَاهِيمَ