للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ الْعُمَرِيَّانِ عَنْ نافع عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكذلك رواه الزهري عن سالم عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ سَمِعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْلِفُ بِأَبِي الْحَدِيثَ

وذكر عبد الرزاق عن إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ فِي رَكْبٍ أسير في غزاة فذكر الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عن بن عُمَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهِ ذَاكِرًا وَلَا آثِرًا

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي الْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ الْحَلِفَ بِالْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا فِي حُكْمِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّمَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْإِقْسَامِ بِالْمَخْلُوقَاتِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ) الطُّورِ ١ (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) التِّينِ ١ (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ) الطَّارِقِ ١ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْقُرْآنِ

قِيلَ الْمَعْنَى فِيهِ وَرَبِّ الطُّورِ وَرَبِّ النَّجْمِ فَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى هِيَ إِقْسَامٌ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا بِغَيْرِهِ

وَقَدْ قِيلَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ أَيْضًا قَدْ أَقْسَمَ رَبُّنَا تَعَالَى بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ

ثُمَّ بَيَّنَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ ((مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ))

قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ وَلَا غَيْرِهَا لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ عَلَى آخَرَ فِي حَقٍّ قِبَلَهُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لَهُ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَوْ حَلَفَ لَهُ بِالنَّجْمِ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَقَالَ نَوَيْتُ رَبَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ يَمِينًا

وَفِي غَيْرِ رِوَايَةِ يَحْيَى عن مالك أنه بلغه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَأَنْ أَحَلِفَ بِاللَّهِ بِإِثْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُظَاهِرَ فَالْمُظَاهَرَةُ أَنْ يَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعْظِيمًا لِلْمَحْلُوفِ بِهِ فَشَبَّهَ خَلْقَ اللَّهِ بِهِ فِي التَّعْظِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) التَّوْبَةِ ٣٠

وَمَعْنَاهُ أَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ فَآثَمُ أَيْ فَأَحْنَثُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بغيره فأبر

وقد روي عن بن عمر وبن مَسْعُودٍ قَالَا لِأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا

وَرَوَى بن جريج عن بن أبي مليكة أنه سمع بن الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعَنِي عُمَرُ أَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ فَنَهَانِي وَقَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ فَكَّرْتَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَحْلِفَ لَعَاقَبْتُكَ

وَقَالَ قَتَادَةُ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بالمصحف وبالعتق والطلاق

وأجاز بن عُمَرَ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ الْيَمِينَ ((بِايْمِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>