للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَجَازَ عَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ ((لَعَمْرِي))

وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ ((لَعَمْرُهَا))

قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ أَجَازَ الْيَمِينَ بِغَيْرٍ اللَّهِ وَهُوَ الْأَصْلُ

وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِالْيَمِينِ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ وَلَا كَفَّارَةَ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -

وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ سَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَخَلَفِهِمْ تُطْلَبُ الْكَفَّارَةُ فِي وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْأَيْمَانِ بِغَيْرِ اللَّهِ نَذْكُرُهَا فِي هَذَا الْبَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَسْتَحِبُّونَ الْيَمِينَ بَاللَّهِ وَيَكْرَهُونَ الْيَمِينَ بِغَيْرِهِ

وَهَذَا عمر وبن عُمَرَ يُوجِبَانِ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ فِيمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَهُمَا رَوَيَا الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ وَقَالَ ((مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ)) فَدَلَّ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ وَالْإِيجَابِ

وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ فَقَالَ إِنْ تَسْأَلْنِي الْقِسْمَةَ لَمْ أُكَلِّمْكَ أَبَدًا وَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنَّ الْكَعْبَةَ لَغَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ كَفِّرْ يَمِينَكَ وَكَلِّمْ أخاك

وهو قول بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ وَسَتَرَى كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ

وَالْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِمَا لَا إِثْمَ فِيهِ أَوْكَدُ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لِمَحْوِ الْإِثْمِ وَهِيَ مُنَزَّلَةٌ فِيمَنْ حَلَفَ وَحَنِثَ نَفْسَهُ فِيمَا يَرَى خَيْرًا لَهُ

وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ حَلَفَ بِمَالِهِ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَخِلَافٌ لِلْجَمَاعَةِ وَكَأَنَّهُ زَادَ مِنْ وَجْهٍ مَا لَا يَعْزُو عَلَيْهِ أَوْ لَا يَصْلُحُ وَقَدْ زِدْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي آخِرِ هذا الكتاب

وذكر بن حبيب عن مالك أنه كان يقول في من جَعَلَ مَالَهُ فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ فَقَوْلُ عَائِشَةَ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ

وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ بِقِيَاسٍ ولا اتباع

<<  <  ج: ص:  >  >>