قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ وَالْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ
خَالَفَ دَاوُدُ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ فِيهَا بِالْمُجْمَلِ وَالْمُفَسِّرِ وَهُوَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ فَجَعَلَ قَوْلَهُ ((لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ)) مُجْمَلًا وَقَوْلَهُ ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)) مُفَسِّرَا وَهُمَا فِي الظَّاهِرِ مُتَضَادَّانِ وَأَصْلُهُ فِي الْخَبَرَيْنِ الْمُتَضَادَّيْنِ أَنْ يَسْقُطَا جَمِيعًا كأنهما لم يجبا ويرجعا وَيُرْجَعُ إِلَى الْأَصْلِ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ أَسْقَطَ فِيهِمَا الْحَدَثَيْنِ وَلَمْ يَجْعَلْهُمَا مُجْمَلًا مُفَسَّرًا وَقَالَ بِحَدِيثِ الْإِبَاحَةِ مَعَ ضَعْفِهِ عِنْدَهُ لِشَهَادَةِ أَصْلِهِ لَهُ فَخَالَفَ أَصْلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وخالفه أَصْلًا لَهُ آخَرَ
وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا اجْتُمِعَ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَرِعَ قَوْلًا ثَالِثًا وَالنَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا نِكَاحَ لِلْأَوَّلِ وَمَنْ أَجَازَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ كُلُّهُمْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ فِي مَذْهَبِهِ وَجَاءَ دَاوُدُ يَقُولُ بِفَرْقٍ بَيْنَهُمَا بِقَوْلٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ إِلَيْهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِنَفْسِهَا وَلَا حَقَّ لِغَيْرِهَا مَعَهَا كَمَا زَعَمَ دَاوُدُ
وَمُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا أَحَقُّ بِأَنْ لَا تُنْكَحَ إِلَّا بِرِضَاهَا خِلَافَ الْبِكْرِ الَّتِي لِلْأَبِ أَنْ يُنْكِحَهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَأَنَّ وَلِيَّهَا أَحَقُّ بِإِنْكَاحِهَا فَلَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أيما امرأة نكحت بغير ولي فنكاحها باطل)) دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْأَيِّمُ أَحَقُّ بنفسها أن فيها إنما هو الرضى وَحَقُّ الْوَلِيِّ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالتَّزْوِيجِ لِقَوْلِهِ ((أَيُّمَا امرأة نكحت بغير ولي ولا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيِّ قَوْلٌ عَامٌّ فِي كُلِّ مُتَوَاجِدٍ وَكُلِّ نِكَاحٍ
وَقَوْلُهُ ((الْأَيِّمُ أَوْلَى بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)) وَيَمِيلُ أَنْ لِوَلِيِّهَا فِي إِنْكَاحِهَا حَقًّا وَلَكِنَّ حَقَّهَا فِي نَفْسِهَا أَكْثَرُ وَهُوَ أَنْ لَا تُزَوَّجَ إِلَّا بِإِذْنِهَا وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ وَلَيُّهَا وَلَا فَائِدَةَ فِي وِلَايَتِهِ إِلَّا فِي تَوَلِّي الْعَقْدِ عَلَيْهَا إِذَا رَضِيَتْ وَإِذَا كَانَ لَهَا الْعَقْدُ عَلَى نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا
وَهَذَا وَاضِحٌ عَالٍ
وَفِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) الْبَقَرَةِ ٢٣٢ وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَضَلِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أُخْتَهُ عَنْ رَدِّهَا إِلَى زَوْجِهَا كِفَايَةٌ وَحُجَّةٌ بَالِغَةٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute