للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشَاوِرَهَا وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَهِيَ صَغِيرَةٌ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ أَنْكَحَهُ إِيَّاهَا أَبُوهَا

وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إِذَا أَنْكَحَ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ الصَّغِيرَةَ فَلَهَا الْخِيَارُ إِذَا بَلَغَتْ

وَقَالَ فُقَهَاءُ أَهْلِ الْحِجَازِ لَا خِيَارَ لَهَا فِي الْأَبِ وَلَا يُزَوِّجُهَا صَغِيرَةً غَيْرُ الْأَبِ

قَالَ أَبُو قُرَّةَ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا)) أَيُصِيبُ هَذَا الْقَوْلُ الْأَبَ قَالَ لَا لَمْ يَعْنِ الْأَبَ بِهَذَا إِنَّمَا عَنَى بِهِ غَيْرَ الْأَبِ قَالَ وَنِكَاحُ الْأَبِ جَائِزٌ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ وَلَدِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ

قَالَ وَلَا يُنْكِحُ الصَّغِيرَةَ أَحَدٌ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ غَيْرُ الْأَبِ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفُوا فِي الْأَبِ هَلْ يَجْبُرُ ابْنَتَهُ الْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ عَلَى النِّكَاحِ أَمْ لَا

فَقَالَ مَالِكٌ والشافعي وبن أَبِي لَيْلَى إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ بِكْرًا كَانَ لِأَبِيهَا أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى النِّكَاحِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً

وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ

وَحُجَّتُهُمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وكان لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَبِيرَةً إِذَا كَانَتْ بِكْرًا لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْبُكُورَةُ لِأَنَّ الْأَبَ لَيْسَ كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ بِدَلِيلِ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهَا وَنَظَرِهِ لَهَا وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِكْرًا بَالِغًا إِلَّا بِإِذْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً

كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِكْرًا بَالِغًا إِلَّا بِإِذْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى إِذْنِهَا فِي الْأَبِ مَا زَوَّجَهَا حَتَّى تَكُونَ مِمَّنْ لَهَا الْإِذْنُ بِالْبُلُوغِ

فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا صَغِيرَةً وَهِيَ لَا إِذْنَ لَهَا صَحَّ لَهَا بِذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ إِذْنِهَا مَا كَانَتْ بِكْرًا لِأَنَّ الْفَرْقَ إِنَّمَا وَرَدَ بَيْنَ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ

وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((لَا تُنْكَحُ الْيَتِيمَةُ إِلَّا بِإِذْنِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَاتَ الْأَبِ تُنْكَحُ لِغَيْرِ إِذْنِهَا إِذَا كَانَتْ بِكْرًا بِإِجْمَاعِهِمْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الثَّيِّبَ لَا تُزَوَّجُ إلا بإذنها وأنها أحق بنفسها بالعقد عليها وَلِمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((الثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا)) دَلَّ عَلَى أَنَّ الْبِكْرَ وَلِيُّهَا أَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>