وروي ذلك عن بن عَبَّاسٍ مِنْ وُجُوهٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَالصَّحِيحُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِلْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا سَبِيلَ فِيهَا لِامْرَأَتِهِ عَلَيْهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِمَاعَ مِنْ حُقُوقِهَا وَلَهَا تَرْكُهُ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ إِذَا انْقَضَى الْأَجَلُ الَّذِي جُعِلَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِيهِ التَّرَبُّصُ فَإِنْ طَلَبَتْهُ فِي حِينٍ يَجِبُ لَهَا طَلَبُهُ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَقْفَ الْمُولِي فَإِمَّا فَاءَ وَإِمَّا طَلَّقَ
وَالدَّلِيلُ قول الله عز وجل (فإن فاءو فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلق) الْبَقَرَةِ ٢٢٦ ٢٢٧ فَجَمَعَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَمَّا أَجْمَعُوا أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُخَاطَبْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ كَذَلِكَ الْفَيْءُ لَا يَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُضِيِّهَا لَمَا تَهَيَّأَ أَنْ يُخَاطَبَ الزَّوْجُ بِالْفَيْءِ
وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ مُمْكِنٌ لَهُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ
وَدَلِيلٌ آخر وهو قوله تعالى (وإن عزموا الطلق فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وَلَا يَكُونُ السَّمَاعُ إِلَّا الْمَسْمُوعَ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْأَجَلِ لَمَا تَهَيَّأَ سَمَاعُ ذَلِكَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ أَيْضًا إِنَّمَا يَقَعُ بِإِيقَاعِهِ لَهُ لَا بِمُضِيِّ الْأَجَلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
مَسْأَلَةٌ مِنَ الْإِيلَاءِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ فَيُطَلِّقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ ثُمَّ يُرَاجِعُ امْرَأَتَهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سِجْنٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُذْرِ فَإِنَّ ارْتِجَاعَهُ إِيَّاهَا ثَابِتٌ عَلَيْهَا فَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَقَفَ أَيْضًا فَإِنْ لم يفيء دَخَلَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ إِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّهُ نَكَحَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَلَا عِدَّةَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ فَيُوقَفُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَيُطَلِّقُ ثُمَّ يَرْتَجِعُ وَلَا يَمَسُّهَا فَتَنْقَضِي أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إِنَّهُ لَا يُوقَفُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنَّهُ إِنْ أَصَابَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَإِنْ مَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute