للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَيْهَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا

وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا شَرَطَ فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ الْجِمَاعَ إِلَّا مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَجْعَلُهُ إِذَا لَمْ يَطَأْ فِي حُكْمِ الْمُولِي كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لأجنبية والله لئن تزوجتك لأوطأنك ثُمَّ تَزَوَّجَهَا كَانَ مُولِيًا عِنْدَهُ

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهَا تُطَلَّقُ عِنْدَهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا وَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ الطَّلَاقُ الْإِيلَاءَ

وَدَلِيلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ بَاقِيَةٌ وَأَنَّهُ مُذْ وَطِئَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ حنث كالمولي قَبْلَ النِّكَاحِ الْجَدِيدِ وَلَا يُسْقِطُ الْإِيلَاءَ إِلَّا الْجِمَاعُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ بِعُذْرٍ مَانِعٍ مِثْلِ السِّجْنِ الَّذِي لَا يَصِلُ مَعَهُ إِلَيْهَا أَوِ الْمَرَضِ الْمَانِعِ الْمُذْنِبِ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا أَوِ الْبُعْدِ مِنَ السَّفَرِ كَانَ مَبِيتُهُ عِنْدَهُ كَفَّارَتَهُ بِيَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُكَفِّرُ إِذْ بَانَ عُذْرُهُ

قَالَ وَمِمَّا تُعْرَفُ بِهِ فَيْئَةُ الْمَرِيضِ أَنْ يُكَفِّرَ فَتَسْقُطَ يَمِينُهُ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُكَفِّرُ إِذْ قَدْ بَانَ عُذْرُهُ وَكَذَلِكَ الْمَسْجُونُ وَالْغَائِبُ

وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ لَا تُكَفَّرُ فَنِّيَّتُهُ بِالْقَوْلِ فَمَتَى زَالَ الْعُذْرُ عَادَ الْحُكْمُ

هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ

وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَالطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ مِنَ السُّلْطَانِ أَوِ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ عِنْدَ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِانْقِضَائِهَا كَالْفَيْئَةِ لِمَا فِي الْفَيْئَةِ مِنَ الْحِنْثِ بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فإن فاءو) الْبَقَرَةِ ٢٢٦ أَيْ رَجَعُوا إِلَى الْجِمَاعِ الَّذِي حَلَفُوا عَلَيْهِ فَحَنِثُوا أَنْفُسَهُمْ أَوْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَبَرِئُوا

فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لَمْ يَعُدِ الْإِيلَاءُ إِلَّا بِيَمِينٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْحِنْثَ بِالْفَيْئَةِ قَدْ وَقَعَ ولا يحنث مرتين

وكذلك قال بن عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَالْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا إِيلَاءَ إِلَّا بِيَمِينٍ

وَلَا يَرَوْنَ الْمُمْتَنِعَ مِنَ الْوَطْءِ بِلَا يَمِينٍ مُولِيًا

وَالْإِيلَاءُ مَصْدَرُ أَوْلَى إِيلَاءً وَأَلِيَّةً

وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ وَجَمْعُهَا الْآلَاءُ

قَالَ كُثَيِّرٌ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>