فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ نَافِعٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَيُّوبُ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَذَكَرُوا فِيهِ أَحْكَامًا لَمْ يَذْكُرْهَا مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِلْمُخْتَلِعَةِ
وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ إِلَّا لِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ فَجَاءَ مَعَهَا عَمُّهَا مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ إِنَّ ابْنَةَ مُعَوِّذٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا أَفَتَنْتَقِلُ فَقَالَ عُثْمَانُ تَنْتَقِلُ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عُثْمَانُ أَخْبَرُنَا وَأَعْلَمُنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الخلع طلاق
وخالف بن عَبَّاسٍ فَقَالَ الْخُلْعُ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ
وَرَوَى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طاوس عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ سَأَلَهُ فَقَالَ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَيَتَزَوَّجُهَا قَالَ نَعَمْ لِيَنْكِحَهَا لَيْسَ الْخُلْعُ بِطَلَاقٍ
وَذَكَرَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا وَالْخُلْعُ فِيهِ مَا بَيْنَ ذلك فليس الخلع بشيء ثم قرأ (الطلق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسن) الْبَقَرَةِ ٢٢٩ وَقَرَأَ (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ ٢٣٠
قَالَ أَبُو عُمَرَ خَالَفَهُ عُثْمَانُ وَجَمَاعَةُ الصَّحَابَةِ فَقَالُوا الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَكْثَرَ فَيَكُونُ مَا أَرَادَ بِهِ وَسَمَّى
وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُمْهَانَ - مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ أُمِّ بَكْرَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسِيدٍ فَأَتَيَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هِيَ تَطْلِيقَةٌ إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيَتْ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيَتْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ خَبَرُ جُمْهَانَ هَذَا عِنْدَ يحيى في ((الموطأ)) وَهُوَ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ رُوَاةِ ((الْمُوَطَّإِ))
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَلِعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يُسَمِّ طَلَاقًا وَلَا نَوَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ مَا احْتَاجَ أَنْ يُقَالَ لَهُ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ