وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْخُلْعِ هَلْ هُوَ طَلَاقٌ إِذَا لَمْ يُسَمَّ طَلَاقًا أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ هُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَكْثَرَ فَيَكُونُ عَلَى مَا أَرَادَ
وَرُوِيَ ذلك عن عمر وعلي وبن مَسْعُودٍ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَالْأَصَحُّ عَنْهُ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ
وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ أَوْ يُسَمِّيَهُ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ قَدْ قُطِعَ فِي بَابِ الْكَلَامِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ بَائِنٌ فَلَا يَقَعُ بِهِ إِلَّا بِمَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ إرادة الطلاق فإنه سَمَّى عَدَدًا أَوْ نَوَى عَدَدًا فَهُوَ عَدَدُ مَا سَمَّى أَوْ نَوَى
قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا جَعَلْتَهُ طَلَاقًا فَاجْعَلْ لَهُ فِيهِ الرَّجْعَةَ
قِيلَ لَمَّا أَخَذَ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ عِوَضًا وَكَانَ مَنْ مَلَكَ عِوَضَ شَيْءٍ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَجْعَةٌ فِيمَا مَلَكَ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ الْمُخْتَلِعَةُ
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ خُلْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي عَدَدٍ مِنْهُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا تَكُونُ اثْنَتَيْنِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا
فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْخُلْعَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ
وَقَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ سِوَى بن عَبَّاسٍ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَشُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ وَمُجَاهِدٍ وأبي سلمة ومكحول والزهري
وأما قول بن عَبَّاسٍ بِأَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ فَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ مِثْلُهُ
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ الْخُلْعُ مَعَ تَطْلِيقَةٍ تَطْلِيقَتَانِ