والمحاقلة قيل هي من مَعْنَى الْمُخَابَرَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ عَلَى مَا وَصَفْنَا
قِيلَ وَهِيَ عَلَى مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ بَيْعُ الزَّرْعِ قَائِمًا بِالْحِبِّ مِنْ صِنْفِهِ
فَقَدْ قَالَ بن عُيَيْنَةَ تَفْسِيرُ الْمُخَابَرَةِ عِنْدَهُمْ إِنْ رَبِحُوا فَلَهُمْ وَإِنْ نَقَصُوا فَعَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ
وَأَمَّا كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ وَبِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالطَّعَامِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّ الاختلاف فيه كَثِيرٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ كِرَاءِ الْأَرْضِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ الْمُزَابَنَةَ فِي الْمُوَطَّأِ تَفْسِيرًا مِنْهُ مَا اجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ وَمِنْهُ ما خالفه فيه
وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ وَتَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْجُزَافِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلَا وَزْنُهُ وَلَا عَدَدُهُ ابْتِيعَ بِشَيْءٍ مُسَمَّى مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ صَحِيحٌ إِذَا كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى مَا نَذْكُرُ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ فِي بَابِهِ وَمَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
إِلَّا إِنَّ أَصْلَ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِيمَا عَدَا الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لَا يَدْخُلُهُ مُزَابَنَةٌ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ فَتُدْخِلُ الْمُزَابَنَةُ عِنْدَهُ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَمَا لَا يجوز إذا كان المقصد فِيهِ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْغَرَرِ وَالْقِمَارِ وَالْخَطَرِ
وَفَسَّرَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ فَقَالَ فِي ((مُوَطَّئِهِ))
وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ الَّذِي لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ التَّمْرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ أَوْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوِ النَّوَى أَوِ الْقَضْبِ أَوِ الْعُصْفُرِ أَوِ الْكُرْسُفِ أَوِ الْكَتَّانِ أَوِ الْقَزِّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ لَا يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا وَزْنُهُ وَلَا عَدَدُهُ فَيَقُولَ الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ كل سلعتك هَذِهِ أَوْ مُرْ مَنْ يَكِيلُهَا أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوزَنُ أَوْ عُدَّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُعَدُّ فَمَا نَقَصَ عَنْ كَيْلِ كَذَا وَكَذَا صَاعًا لِتَسْمِيَةٍ يُسَمِّيهَا أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا أَوْ عَدَدِ كَذَا وَكَذَا فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ فَعَلَيَّ غُرْمُهُ لَكَ حَتَّى أُوَفِّيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ فَمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ لِي أَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ فَلَيْسَ ذَلِكَ بَيْعًا وَلَكِنَّهُ الْمُخَاطَرَةُ وَالْغَرَرُ وَالْقِمَارُ يَدْخُلُ هَذَا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئًا بِشَيْءٍ أَخْرَجَهُ وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سَمَّى مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute